المنبرالحر

ما يحدث في العراق لا شبيه له / مرتضى عبد الحميد

يخطيء من لا يزال يعتقد ان عجائب الدنيا سبع فقط. فهي الآن اكثر من ذلك بكثير، نظراً لوجود بلد تتناسل فيه العجائب يومياً، هو العراق المبتلى بسياسيين يفتقدون الحد الادنى من الكفاءة والحياء، بحيث لا يمكن مقارنتهم حتى بالسياسيين الـ ( نص ردن ).
العراق اليوم لا ينافسه بلد آخر في القدرة على صنع العجائب والخرافة السياسية، وربما كانت الصومال تنافسنا في الماضي القريب، لكن عجائبها إنحسرت لصالح عجائبنا السياسية والامنية والاقتصادية – الاجتماعية.
لا نريد الحديث عن المشاكل والمآسي المزمنة، كالارهاب وتدني مستوى الخدمات الى حد مخجل، ولا عن الفساد وحيتانه، والبطالة، وجيش القابعين دون مستوى خط الفقر، ولا عن الصراعات العبثية بين الفرقاء السياسيين، وما انتجوه من ازمة مالية واقتصادية تكاد تخنق شعبنا، لانها اصبحت حديثاً يومياً تلوكه الألسن صباح مساء، وهي في حقيقتها اعاجيب يكاد ينفرد بها عراقنا الغني وشعبه الفقير.
حديثي اليوم يتناول قضايا واموراً طازجة يمكن اضافتها بجدارة الى سجل « الشرف « الذي صنعته الطبقة السياسية الحاكمة، ليزيد من رصيدها الجهادي ويضعها في مصاف العتاة والطغاة الذين دمروا بلدانهم وافقروا شعوبهم، ودخلوا بذلة وصَغار الى ما افرده لهم التاريخ من مكان يليق بهم!
لنأت الى حزم الاصلاحات التي بشرتنا بها الحكومة قبل بضعة اشهر، واصابت بعدواها مجلس النواب الذي اطلق هو الآخر حُزمة اصلاحات ووعد بان يردفها بأخرى. لكنها تبخرت كما تبخرت حزم الحكومة، وعاد المجلس الى سباته، بل انه وقف ضد الاصلاحات الحكومية المتواضعة، من خلال سحب تفويضه وتأييده لها. والسبب مفهوم وواضح وضوح الليلة الظلماء حين يفتقد البدر. فالامتيازات الفريدة من نوعها لاعضائه ولبقية المسؤولين الكبار لا يمكن التنازل عنها بسهولة، اللهم الا اذا اجبروا على ذلك بالحراك الجماهيري والتظاهرات المليونية.
ان هذه الاصلاحات المعلن عنها هي دون المستوى بكثير وما نفذ منها لا يجعلها تحلق فوق الصفر الا قليلاً، ويمكن تفسير ذلك بكثرة المتضررين منها، والمعادين لها، رغم عدم القبول بذلك اطلاقاً. بيد ان الذي لا يمكن تفسيره ويدخل بسرعة البرق الى ديوان العجائب العراقي، هو القرار باعفاء نواب رئيس الجمهورية من مناصبهم، الذي صادق عليه البرلمان العراقي.
ان هذا القرار الصائب لم يجر الالتزام به ولم ينفذ بصورة صحيحة الى يومنا هذا. وأحد النواب الثلاثة هو الابرز في عدم تنفيذه، وما زال يمارس علناً صلاحياته المعتادة، الامر الذي لا يعد غريباً لمن يتشبث بالكرسي، وان كان مكسوراً. لكن الغريب حقاً ويدعو الى الحيرة، ان رئيس الوزراء والامانة العامة لمجلس الوزراء صرحوا اكثر من مرة انهم غير مسؤولين عن تصرفات ونشاطات من اعفي من منصبه وبقي يمارس صلاحيات هذا المنصب، وانه هو الذي يتحمل المسؤولية لا غيره!
يبدو ان فهمنا للدولة ودورها ووظيفتها في ادارة شؤون المجتمع قد اصابه العطب ايضاً وانتقل الى رحمة الله تعالى، وحل محله شعار (كل من إيدو إلو).