المنبرالحر

إطلاقات، وماذا بعد؟ / راصد الطريق

لا بأس ان تكون لنا تقاليدنا في الاحتفالات والمباهج، في المآتم، في المناسبات الشخصية، زفاف وما أشبه. كل الشعوب لها ما يميزها. ولكن ليكن لنا ما يجعلنا نفخر بتميزنا، لا بما يُضحك الناس علينا.
مثل هذه الاطلاقات النارية امر غير مقبول اجتماعياً، قانونياً، ولا يرتضيه الدين، لأن فيه إسرافاً وضرراً وبلا معنى. وعلى كثرة الحوادث المؤسفة من هذه الممارسة الطائشة والهمجية، يظل البعض لا يتعظ ولا يرعوي. ردهات الطوارئ تمتلئ في مثل هذه المناسبات، وسيارات الاسعاف تنقل، والناس حذرون لا يفتحون الابواب ولا يخرجون. هذا أُصيب في عينه وهذا في جبهته او رقبته، وذلك في قدمه وسقط ايضاً. ونظل بتباهٍ معيب، برعونة، نمارسها من دون اي تفكير بما قد نسببه من ضرر او أذى.
والأنكى والمؤسف، ان بعضاً من أفراد الشرطة، وبخاصة الحمايات والحراسات، يجدون في ذلك فرصة لكسر الملل والبطالة، ولتأكيد انهم يشاركون « الشعب « في احتفالاته او الناس في مناسباتهم، او هم يتباهون امام العوائل.
هذه الممارسات في الفرح وفي التشييع، فضلاً عما تضمر من التهديد، وفضلاً عما تسببه من اضرار في الممتلكات والناس، هي تكسر هيبة الدولة وتلغي القانون وقد تغطي على جرائم قتل! ثم هي اموال تهدر وتبذير، سواء كانت إطلاقات من رسميين، أي من الدولة، او من الناس.
وبعض الناس يحتفظ بروح الهمج في المدينة، ويجد سعادته في الانفلات والزهو الفارغ.. هذه مدينة، بيوت متراصة، وزحامات بشر وليست ريفاً فيه فضاءات خالية.
مطلق العيارات النارية هنا، في المدينة وبين بيوت الناس جاهل لا يفهم. ليعلم انه لا بطل ولا شجاع ولا متحضر يقدر الامور ويحترم الذوق العام وسلامة الآخرين!
مشكلتنا اننا نغالي في كل أمر ولا حدود عندنا للانفلات والتجاوز. تنتهي المناسبة ونبقى نسمع إطلاقات. في ليلة الميلاد المجيد، افرحتنا الاحتفالات في المدن ومشاركات الناس الواسعة لاخواننا المسيحيين. فالمسيح مسيحنا ايضاً! هو كأي نبي ليس لقوم معينين، هو للبشرية، لصالح الانسان في الارض..
لكن الصعادات كانت بين البيوت وجاوزت فرح الاحتفالات الى حدوث اصابات في الناس.. واستمرت في اليوم الثاني، وصارت لعبة صبيان في اليوم الثالث.
لقد اطلقنا صعادات في بغداد وحدها اكثر مما في الفاتيكان. ولا بأس بالفرح إن كان فرحاً بميلاد السيد المسيح، فهو يستحق الاحتفاء الكبير والواسع بمولده، مولد المحبة والتسامح والروح الانساني الجميل المهذب. لكن المسألة صارت جهلاً وفوضى وإساءات غير منضبطة.
لا بد من امكنة للاحتفالات النارية لكي نمنع الضرر وليبقى الفرح فرحاً!