المنبرالحر

فايروس المحاصصة / عبد الجبار نوري

ثمة وجهة نظر تخضع كل شىء الى السياسة واستنادا اليها تكون المحصلة النهائية انه ( لا توجد كوارث سياسية وخروقات امنية الا وكانت سببها افكار سياسية بغض النظرمن محتواها السلبي او الايجابي ) فالمشكلة اذن تكمن في ايديولوجية الساسة في العراق الذين يتبنون سياسة المحاصصة اللعينة التي وضعت العراق على كف عفريت بلجوء الأحزاب المختلفة الى التجييش الطائفي والتخندق القومي الأثني والشحن الأعلامي وتبادل الأتهامات والتوجه الى تشكيل ميليشيات هدفها الغاء الآخر بأرخص الطرق ووصلت في كثير من المواقف الى التصفية الجسدية ، فالمحاصصة تعني تقديم الولاء والانتماء الى الحزب والكتلة وللقومية والقبلية والمناطقية واهمال الدولة المؤسساتية التي هي الهدف الانساني الديمقراطية ،والغريب ان المحاصصة تخضع للنسبية اي انها مرفوضة عند دول الغرب الاوربية جميعا ومنبوذة ومقززة لانها تحمل فايروس قاتل في تفكيك وضياع الدولة المؤسساتية . وقد بحثت في التجارب العالمية فوجدت جميع الأنظمة المستقرة تبحث عن التقدم والتطور من خلال الأعتماد على وجود قيادة قوية واضحة المعالم على سبيل المثال في النظام الأمريكي يتبدل ما يقارب عشرة الاف موظف حكومي عند حدوث تغيير في الحزب الحاكم وتوحدهم الجنسية الامريكية اذ لم اجد امريكي ذيل اسمه بمدينته كان يكتب الاريزوني او الكليفورني مثلما نرى في الدول العربية او في العراق فيضع المناطقية نهاية اسمه مثلما يقول فلان العماري او الواسطي او الدليمي اوالتكريتي ،اما في بريطانيا فكلما استلم حزب جديد السلطة تتغير كابينة الوزارة فقط بينما يبقى المسؤولون الاخرون كافة في مناصبهم او-- عيش او شوف --في العراق عندما يستلم الوزير او السفير منصبه يغير وزارته او سفارته فيملأ الشواغر بأقاربه من الدرجة الاولى ثم الثانية والثالثة وحتى يصل الى الحارس والجايجي ،اما في السويد الحكومة والمعارضة رفضوا الاتفاق مع الحزب اليميني العنصري ( سويد ديمقراطي )لأنه يكره الاجانب فبقى معزولا ومحجما ،في الدول الاوربية قبل تشكيل الحكومة يكون معيار الاختيار بناء على وضوح الرؤية والقدرة الادارية فتكون فكرة المحاصصة محض اوهام ،والشىء الملفت للنظر بالنسبة للمعارضة في كل الدول الاوربية عندما تصبح كتلة ما في الأنتخابات خارج السرب تتقبل بكل قناعة موقعها فتقوم بتوجيه الحكومة بكل شفافية وترفع مطاليب الشعب اليها لاكما معارضي الحكومة في العراق (رجل بالحكومة ورجل عند كتلته ) لكى يأخذ الأوامر منها في التخريب والفساد واحيانا.
المشاركة في الأرهاب
اما الوجه الاخر للمحاصصة انها مقبولة في الدول العربية ومطبقة في العراق واصبحت وبالا علينا فنخر فايروسها المد مر العراق و قسمته الى كانتونات حزبية وفئوية وميليشيات وفوضى وانفلات امني مروع واستفحال الارهاب الذي اباح دم الشعب العراقي. والمحاصصة دمرت الانسان العراقي من الداخل ومسخت كيانه الى روبوت تحركه اجندات خارجية، والسر في القبول او الرفض لفكرة المحاصصة هو ان الدول الاوربية ذات تاريخ طويل في الديمقراطية فمفهوم المحاصصة عندهم تعني تقسيم الكل الى مكوناته حسب الاستحقاق الكمي للاطراف المشاركة، فاذن هي مصطلح سياسي بمضامين عميقة جميعها تنبثق من نقطة مركزية وتلتقي عندها هذه النقطة المحورية اسمها (الوطن) فتكون المحاصصة عندهم منهجا سياسيا تسمح لجميع الاحزاب الفائزة في انتخابات ديمقراطية نزيهة في المشاركة في الحكومة ولكن بمسؤولية تضامنية انتمائها للوطن والارض والشعب. واذا دققنا النظر في مكونات الشعوب الاوربية نجدها تتكون من عدد من القوميات والطوائف والديانات ومذاهب ولكن روضتها الديمقراطية منذ عقود من الزمن، والاعظم انها ارتقت الى تشكيل دول الاتحاد الاوربي الثمانى والعشرين وبخمسمائة مليون من البشر وبأربع وعشرين لغة رسمية ويجمعهم القاسم المشترك المصلحة العامة الوطن و الشعب، وهذه ثقافة المحاصصة عندهم بينما اصبحت وبالا علينا وتفكك اجتماعي و أوصلتنا الى حروب اهلية كما حدثت في لبنان في السبعينيات من القرن الماضي دامت 15 سنة. وما يجري في العراق اليوم من تجييش طائفي ومسخ كيان الشخصية العراقية وتحويله الي روبوت يتحرك بتوجيه رئيس كتلته وحزبه، وعند التحليل السايكولوجي للرئاسات الثلاثة والاحزاب المتنفذة كانت قبل السقوط معارضة في المنفى مختلفة اصلا في وجهات النظر في كيفية حكم العراق وكل يريد حصة الاسد لنفسه وكتلته وكانوا متفقين فقط في وقت ومكان عقد المؤتمرات والاحتجاجات تحت توجيه المخابرات المركزية الامريكية.
ولم يتغير شيئا بعد السقوط حين استلموا مواقع القرار حاملين معهم فايروس المحاصصة وتوهم نفسها والشعب بانها هي التي اسقطت النظام لذلك تستحق المراكز السيادية في الحكومة وكانت هذه المرة باشراف بريمر السيء السيط ممثل الحكومة الامريكية، وبعد مخاض عسير ومماحكات واغتيالات وتسقيط سياسي ولدت حكومة انتقالية ميتة سريريا وازداد التطاحن الطائفي حتى اصبحنا على شفا حفرة من الحرب الطائفية الاهلية ولعبت الميليشيات دورا خطيرا في هز المجتمع العراقي غايتها ارجاع البلد الى المربع الاول وان قادة الكتل والاحزاب مثقفون واعلاميون مؤدلجون بمفهوم المحاصصة والكثير منهم مستعد ان يتحالف مع الشيطان لكي يحصل على اوفر نصيب من الدولة مركزا وثراء الا يفسر هذا ان المحاصصة السياسية والصراع بين القوى المتنفذة دليل على ان البلاد لن يسلم انه سائر نحو الهاوية وان العراق يمر بمرحلة دقيقة وعصية بسبب الصراع بين القوى السياسية صاحبة القرار والتي ما زالت تراهن على المحاصصة وتقسيم المراكز والغنائم وهي اشارة الى انتقال البلد الى حرب اهلية وهو الباب لتقسيم العراق الذي لن يسلم منه احد لا احزاب الاسلام السياسي ولا القوى الديمقراطية وحتى الشعب العراقي كله . ولا اقلل من العهد الجديد الذي فتح ابواب الحرية والديمقراطية امام الشعب المكبل تاريخيا منذ عقود طويلة ولكن ادخلها المحتل بمقاسات غير ملائمة ومفاجئة وجديدة عليه وان الديمقراطية بالحقيقة انها فلسفة تتفهمعا الشعوب العالية الثقافة. وعلى كل حال انه انفتاح وتمتع بالحرية وتبادل الراي بين الحاكم والمحكوم. مما اغاض الدول المجاورة التي تحكم شعوبها لعقود طويلة حسب مقاسات حرب البسوس الذي دام اربعين سنة لاسباب قبلية تافهة فلم يرق لهذه الدول المجاورة هذا التغيير فاعلنت العداء للعراق وزجت جميع امكانياتها ضد العراق ، وانتشر فايروس المحاصصة في مفاصل الدولة وان اخطر ما طرا على العراق هو الانقسام المجتمعي الحاد المذهبي والديني والقومي الاثني و يعني هذا الانقسام الحاد ظهور نظام سياسي يقوم على مبدا المحاصصة والكارثة جرى الاعتراف به وشرعن بالقوانين ، ليس جميع المشاركين في الحكومة سيئين منهم من اقسم بصدق في خدمة العراق وشعبه من احزاب ديمقراطية ويسارية وعلمانية وحتى بعض الاحزاب الدينية التي تؤمن بفصل الدين عن السياسة ولكنهم جميعا مكبلو الأيدي لأنهم يتقاطعون مع الكتل الطائفية والميليشيات والتيارات الحزبية و الكتلوية التي تتحرك بموجب المحاصصة ونحن اليوم امام حكومة الاتلاف الوطني المكون من دولة القانون برئاسة المالكي والمجلس الاعلى برئاسة الحكيم وكتلة الاحرار بقيادة مقتدى الصدر وحزب الفضيلة ومنظمة بدر والمؤتلفين في هذه الجبهة ينطبق عليهم ( الاخوة الاعداء )مختلفون كل منهم هدفه تجييرالانجاز لنفسه ولكتلته وبالتاكيد عجزت الحكومة من حماية الشعب واخفاقات في تقديم الخد مات والبطالة والفساد الاداري وعدم تمكنها من حماية المال العام وسيطرة الميليشيات الارهابية للقاعدة تمكنت ان تاخذ عنصر المبادرة من الحكومة وتسيطر وتنفذ العمليات افقيا وبيدها عنصر المفاجاة والمباغته وما اجتياح سجني ابو غريب والتاجي بهذا الشكل المرعب والمخجل الا دليل اكيد على فشل وعجز الجهد الامني للحكومة واذكر مثلا واحدا فقط في نزف الدم العراقي بهذا الشكل البارد والرخيص وهو—غيض من فيض—والعهدة على احصائية حكومية رسمية يوم الاثنين 29- 7 ان 3383 شهيد وجريح في شهر تموز الماضي اكثر دموية منذ خمس سنوات ماضية ورئيس الحكومة اعلن في عدة مناسبات الازمات والتحديات امام الدولة ومؤسساتها بقوله
الدستور ملغم ،مجلس النواب ينفذ استراجية الارهابين والفاسدين ، لا يمكن تشكيل دولة موظفيها يبحث عن انتمائه الخاص بدل انتمائه للوطن ،ولا يمكن بناء دولة في ظل وجود زعماء ميليشيات وعصابات ، لدي ملفات فساد لنواب ومسؤولين كبار، والحصيلة الغير نهائية ازمات سياسية وكوارث اجتماعية وتلكؤ بتنفيذ البنى التحتية وضياع ميزانية فلكية
تقدر ب 130مليون دولار والبطالة وضياع الشباب وتحالف البعث الصدامي مع القاعدة الارهابية ما هي الا خطوات لارجاع العراق الى المربع الاول و قد ابدو متشائما لكن هي الحقيقة المرة لان اعداء العراق اتحدوا على ارجاعه الى المربع الاول حيث الدكتاتورية وكم الافواه والمقابر الجماعية واخيرا اضع امام الحكومة والكتل المتحالفة معها حلين لا ثالث لهما
الاول---اتفق مع الطيبين من ابناء شعبي العزيز الى حل البرلمان مع حكومة مؤقته لتصريف الاعمال واجراء انتخابات مبكرة لتشكيل حكومة اغلبية من التكنوقراط وذوي الخبرة والسيرة الشريفة والحسنة
الثاني—ان يتكرم الساسة المحترمون ان يعلنوا عجزهم ويعتذروا للشعب العراقي و يقدموا استقالاتهم وهذا طبيعي ووارد في كثير من الدول لانه اقسم على خدمة شعبه ولان صبر الشعب العراقي نفذ تماما وكما يقول شاعرنا عريان سيد خلف والله جا مل او جزع لوقصتي اعلى ايوب تزدي