المنبرالحر

المريض يتحمل وزر الفساد ..! / د. سلام يوسف

المحاصصة أنتجت الفساد بسرعة البرق، والفساد أفلس الدولة وجعل الخزينة خاوية من الأموال التي ذهبت الى جيوب المتحاصصين الفاسدين الذين أودعوها في البنوك العالمية التي تشتغل بأموال العراقيين حالياً، ومن اجل «ترميم» ما صنعته أيديهم، اتخذت الجهات المتنفذة جملة من الإجراءات التقشفية، وأخطرها تلك التي تتجاوز الخطوط الحمر، وأعني التي لها علاقة بغذاء ودواء المواطن!
في 9/2/2016 اتخذت وزارة الصحة قراراً يتزامن مع الإجراءات التقشفية، ينص على (استيفاء الرسوم مقابل الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين).
بدءاً من الخدمات الصحية التي تقدمها الوزارة على انخفاض مستواها فهي ليست (مجانية) أصلاً، ثم وعمليا،ً ان ما يخرج من جيوب البسطاء ليس بالقليل، فالكثير من الخدمات والتي من المفروض أن توفرها الوزارة(مجاناً)، لا يتمكن المواطن الحصول عليها الاً بعد أن يدفع (المقسوم).
الخدمات الصحية التي تقصدها وزارة الصحة تشمل مراكز الرعاية الصحية والمستشفيات العامة والمستشفيات التخصصية والعيادات الشعبية ومناطق التأمين الصحي. فتذكرة المراجعة وحسب القرار أعلاه أصبح سعرها ألف دينار وألفين وثلاثة آلاف بعد أن كانت رسوم (مراكز الرعاية الاولية والمستشفيات التخصصية) خمسمائة دينار قبل الإجراءات التقشفية، أي بزيادة نسبتها 100و400و600في المائة على التوالي، ولو رجعنا الى المفهوم المجتمعي لمراكز الرعاية الصحية الأولية، لوجدنا أنه نظام رائع وجِد من أجل تقديم الخدمات الصحية المجانية لعموم المواطنين(وهم الأغلبية) حسب ما مثبّت بالدستور حيث تتكفّل الدولة بتقديم الخدمات الطبية والصحية لعموم الشعب. أما أن تُضاعف أجور ما يقدم من خدمات متواضعة في المستشفيات فـ (البطانة تطلع أغلى من الوجه)!
الاستثناءات التي تتحدث عنها الوزارة، هي بمجموع مردوداتها لا تكلف الميزانية كثيراً مقارنةً بـ (500) مليار دينار سنوياً ستوفرها الوزارة بفضا إجراءات رفع التسعيرة التي أعلن عنها مؤخراً.
عن أية استثناءات تتحدث الوزارة؟ فحينما كان سعر برميل النفط قد تجاوز 120 دولارا كان المفراز بـخمسين الف دينار في المستشفيات الحكومية في الدوام المسائي، فكم سيكون بعد قرارها الذي صدر يوم 9 شباط الجاري؟
تريد الدولة أن تسيّر مهامها على حساب قوت الناس وصحتهم، إنها خصخصة غير معلنة، إنها التفاف على الالتزامات المثبّتة في الدستور. ألم يجرِ استفتاء الشعب على ما جاء في الدستور؟ وتم أقراره رغم ثغراته؟ كيف تتطاول الجهات التنفيذية اليوم على ما ورد فيه؟ ألم ترد فيه بوضوح العبارة: «تؤمن الدولة الخدمات الصحية للمواطنين»؟
فعن أي تأمين تتحدث وزارة الصحة؟
وحينما يحاجوننا بان قرارهم جاء وفقاً للمادة 25 من قانون الموازنة المالية الاتحادية لعام 2016. «التي تسمح للوزارات باستيفاء أجور مقابل الخدمات التي تقدمها»، نقول إن هذه الخدمات من حق المواطن وأن الغالبية العظمى من مراجعي المؤسسات الصحية الحكومية هم من ذوي الدخل المحدود، وبالنتيجة فان استيفاء هذه الأجور يقع على كاهل الفقير.
إن معاناة المواطنين ليست قليلة وسهام التقشف تُغرز في جسده من كلِ حدبٍ وصوب، ومن المؤكد ان هناك إجراءات مماثلة تتخذها جهات رسمية أخرى لتقتص من معيشة المواطن، ناهيك عما لحق بالرواتب المحدودة من أذى.
والنتيجة هي أن المواطن هو من يتحمل أعباء الفساد والمفسدين وهذا أقسى أنواع الأستغلال!