المنبرالحر

الأمن والتأمين! / طه رشيد

لا يوجد فرق كبير في حروف الكلمتين، الا ان السؤال الذي يطرح نفسه هو: من فيهما يعتمد على الأخر؟
الأمن في العراق، وخاصة في بغداد العاصمة، ليس سهلا، ولكنه يبدو هشا أحيانا. فالسيارات المفخخة كانت تبحث عن ضحاياها هنا وهناك،في أكثر الأماكن ازدحاما ! وعمليات الاغتيال سجلت انخفاضا كبيرا، ولكنها ليست منعدمة.. والسطو والسرقة يساعدهما انتشار السلاح بيد الأفراد والجماعات وهو ما زال متوفرا وفرة الطماطم والبصل!
وإذا أردت أن تتحدث عن أي مشروع خدميا كان، أو إنتاجيا، يواجهك التبريريون بأن الوقت ليس ملائما لأن الوضع الأمني غير مستتب! حتى أصبح الوضع الأمني عن حق أو عن باطل شماعة يعلقون عليها كل تلكؤ ..
ومن تلك( التلكؤات) نشير الى التأمين الصحي وتوفيره للمواطن، والذي لم تفكر به لا الحكومات السابقة ولا الحالية، بل على العكس، إذ انها- أقصد الحكومة الحالية ممثلة بوزارة الصحة - راحت وزادت من تذكرة مراجعة المستشفيات، لتضع هما جديدا على كاهل المواطن المكتوي بضعف خدمات المستشفيات الحكومية، اصلا، على مختلف انواعها، مما يجعله مضطرا، الى مراجعة عيادات الأطباء الخاصة، وما أدراك ما العيادات الخاصة! فاسعارها أغلى حتى من تلك العيادات المشابهة لها في الدول المتقدمة. أسعار لا تنسجم بالمطلق مع إمكانات المواطن البسيط موظفا كان أو كاسبا. . فإذا كانت حشوة السن الواحدة تتجاوز الخمسين ألفا ومثلها لبقية الأطباء ، فيمكن ان نتصور اية محنة تواجه هذا المواطن؟!
كنا ننتظر من وزارة الصحة ومن المؤسسات المسؤولة أن تعمد الى تأسيس تأمين صحي صحيح يضمن للمواطن العلاج السهل ولا يتردد في مراجعة اية عيادة اذا ما ضمن بأن الدولة سترجع له نسبة كبيرة مما يدفعه في العيادة الخاصة. والآلية لتنفيذ تأمين صحي حقيقي لا تحتاج إلى الكثير من الجهود اذا ما تمت الاستفادة من خبرة الدول المتطورة في هذا المجال، واذا ما وضعت الدولة برمتها مصلحة المواطن الصحية فوق كل اعتبار.
الموظف يدفع نسبة من راتبه للتقاعد ولا بأس أن يتم استقطاع مبلغ رمزي للتأمين الصحي شرط أن تفي الدولة بكل التأمينات الصحية له سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص.
ونفس الشيء ينطبق على الكسبة والباعة وأصحاب المحلات والمتاجر والمطاعم وكل أصناف العمل بمن فيهم من يعيش على القوت اليومي اذا أرادوا أن يستفيدوا من التأمين الصحي. ولا أعتقد أن هناك من سيرفض دفع مبلغ بسيط شهريا مقابل رعايته ورعاية أطفاله.
وكفى تحويل قضية الوضع الامني، الذي تحسن كثيرا، الى حجر عثرة أمام تنفيذ ما يخدم المواطن والوطن!