المنبرالحر

منطق دولة! / راصد الطريق

لا اريد ان اعلّم الناس آداباً اجتماعية مثلما كانوا يعلموننا في دروس الدين والتهذيب او في دروس الانشاء: اكتب عن الوفاء بالوعد او بالعهد، و «السكوت من ذهب « او « الاعتراف بالذنب فضيلة «.. لكني اليوم اريد ان اقول ان الدولة، بما انها دولة، يلزمها كلامها بحقوق وبلياقات اخلاقية تليق بدولة! وسواء اعلن او قال او صرّح وزير او رئيس وزراء او رئيس جمهورية او مستشار او ناطق باسم اي منهم، فذلك يجعلهم امام التزام بكلام الدولة.
والآن اسأل: كم مرة سمعنا من دولتنا، من وزير تعليمها العالي، او رئيس وزرائها او الوزراء الموفدين وهم يلتقون العراقيين، عن دعوة الكفاءات الى العودة إلى البلد ليخدموا شعبهم، وان الدولة سوف وسوف وسوف الخ السوفات، توفر لهم ما توفر؟
اليوم العديد من حملة الدكتوراه في العلوم، عادوا إلى العراق وعودلت شهاداتهم وقدموا طلباً للتعليم العالي المحترمة والمبجلة واللامثيل لها. فماذا كانت النتيجة؟ يذهب مقدم الطلب يسأل عن النتيجة، وهو بالكاد يخترق الحصن او القلعة التي اسمها التعليم العالي، ويسأل عن نتيجة طلبه، فيكون الجواب: حتى الآن لا جواب!
يبدأ إعلام الوزارات كالعادة يسوّغون او يدبجون الاعذار. لكن النتيجة التي ترفض كل عذر وتسويغ هي انكم اغريتم اصحاب الكفاءات واصحاب الشهادات ان يأتوا إلى البلاد وقد جاؤوا ! فإذا كنتم لا تتمكنون من الافادة منهم، سواء بسبب الميزانية او بسبب الدرجات او بسبب اللامبالاة والاستهانة بالناس، لماذا تطلبون عودتهم؟ لماذا تتصرفون كأفراد غير مسؤولين، وانتم اركان دولة نريدها محترمة وموضع ثقة الناس والدنيا؟
المفروض بالسادة وزراء التعليم العالي والصحة والصناعة والسيد رئيس الوزراء ان يقاتلوا ويعملوا المستحيل من اجل ان تبقى كلمتهم محترمة، ووعدهم صادقاً، وسمعتهم وسمعة الدولة كما نريدها: دولة مدنية بمسؤوليات واخلاقيات عمل، لا يأتيها الخلل والنقص فلا يُسمع كلامها بعد ولا يوثق ويعتمد عليها!
ايها الوزراء، تصرفوا بمنطق دولة ومسؤولية. ايضاً، انتم اقلقتم من كان مستقراً وخيبتم امل من جاء بشهادته فرحاناً الى وطنه! فانتم في مواقعكم ما عدتم افراداً عاديين، انتم حكومة تُعاتَب، بل تُقاضون على عدم الايفاء بقانون!
في الاخير اسأل أياً من اولاء السادة الوزراء الذين لا يدرون اصلاً بمن جاء وبمن رجع الى البلد الذي كان فيه، اسألهم: هل لديكم قائمة بمن جاؤوا بشهاداتهم اليكم؟ بالتأكيد: لا!