المنبرالحر

25 شباط 2011 - 25 شباط 2016 / جاسم الحلفي

خمسة أعوام وحركة الاحتجاج مستمرة دون هوادة، لم تتوقف أنشطتها، لم تتهاون في كفاحها ضد الذين تحاصصوا العراق بكل خيراته ومنافعه باسم الطوائف والمناطق. لم تتعب الحركة في مقاومة من زرعوا وهم المخاوف بين ابناء الشعب. ولم تقف موقف المتفرج عندما تمكن المتنفذون من تقسيم المواطنين، هذا شيعي وذلك سني، واتفقوا في جلساتهم الخاصة واتفاقاتهم السرية على صفقات توزيع المناصب، كي تؤمن لهم النهب المنظم للمال العام، مستغلين ضعف الوعي وناشرين الجهل والأمية والتخلف. وفي خلق الصراع الطائفي وادامته، بالاستناد على الفقر والخرافة والتجهيل يكمن سر ديمومة المفسدين في الحكم، والتحكم بمصير العراق وشعبه.
فضحت حركة الاحتجاج لهاث المتنفذين وراء المناصب، بما تعنيه من كسب غير مشروع ومال حرام وصفقات فساد وابهة وجاه ونفوذ. حتى أصبحوا طبقة مستهترة بمصير العراق، عازلين انفسهم في مناطق خاصة ضمن منطقتهم الخضراء، ومحصنين قصورا كانت للطاغية ومقربيه، ومبتعدين عن شعب يعيش الويلات جراء الإرهاب والفساد وتداعياتهما على الحياة والمعيشة.
طالبت حركة الاحتجاج باسترجاع المال العام ومقاضاة الذين هربوه الى خارج العراق، عبر مختلف الطرق الدنيئة غير القانونية، طرق المافيات والمهربين. ونبهت حركة الاحتجاج الى عدم شرعية القوانين التي شرعها المتنفذون بهدف تأمين وجودهم بالسلطة وتأبيده، والقوانين الأخرى التي تتيح لهم شرعنة ما سرقوه، وتشرع لهم الاستحواذ على ما لم يستطيعوا نهبه عبر طرق المافيات والمهربين. وكشفت حركة الاحتجاج غاية المتنفذين من فتح المصارف الخاصة ليستزيدوا من نهب مال العراقيين عبر صفقات مزاد العملة التي استنزفت احتياطات عملة العراق الصعبة. مخلفين الفقر، وتاركين مايقارب ثمانية ملايين مواطن يعيشون تحت خط الفقر، وستزداد اعدادهم جراء سياسات التقشف ووصفات منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي.
وقفت حركة الاحتجاج بقوة امام من سلموا مدن العراق الى الدولة الاسلامية ( داعش) في طريقة اقرب للصفقات، وكأنهم ليسوا حكاما مسؤولين عن حمايتها. لم يبنوا شيئا في العراق سوى مؤسسة الفساد التي كبرت وتضخمت واستفحلت حتى اصبحت سلطة قوية كبيرة فعالة، واصبحت هي النظام. فلها عصاباتها المسلحة، مليشيات، ايادي قذرة، اعلام خاص يجيد التملق والتسقيط والتشويه. وقد استخدموا اقذر اساليب الدكتاتورية البغيضة في محاربة الخصوم، وعرض المكافأة والتلويح بالتصفية، وقبلها قطع الارزاق، وهي ذاتها سياسة النظام الدكتاتوري السابق، الترهيب والترغيب.
كل هذه السياسات التي اوهنت البلد، واستنزفت خيراته، لم تمنع قيام مجاميع مكافحة من العراقيين، نساءا ورجال، شبابا وكهول وشيوخ، في الوقوف امام كل ذلك بتحدي وتصدي ومقاومة، في معارك لم تكن موازين القوى مؤاتية فيها. لكنها استمرت بأسلوبها السلمي، متخذة مختلف الاشكال مثل التظاهر، وقفات الاحتجاج ، الحملات، المهرجانات، المنتديات، المدافعة، الضغط. استمرت دون تردد وبنفس طويل، متحملة كل اشكال الضغط وصنوفه، كما انها لم تسلم من تجريح وتجنٍ وتشهير ومزايدة من يحسبون أنفسهم على التيارات المدنية والعلمانية سواء بوعي وادراك او لسوء تقدير وتصرف.
تقف اليوم حركة الاحتجاج وقد تجاوز عمر أنشطتها ثمانية أشهر، من دون ان تكف، وهي عازمة ومصممة على التغيير، تغيير بنية النظام المحاصصي، ورموز المحاصصة والفساد، وبناء نظام بديل يعتمد المواطنة.
ان رؤية حركة الاحتجاج اليوم جلية واضحة، وهي صادقة في مشروعها، بسيطة في طرحها رغم تعقد المشهد وتشابكه وقتامة الوضع. والرهان هو على ديمومتها وقدرتها على جذب اكبر عدد من المواطنين الى فعالياتها. فكلما زاد الزخم انحصر الفساد والمحاصصة وقصر عمرهما.