المنبرالحر

هل التغيير مجرد شعار أم ضرورة؟ / مرتضى عبد الحميد

يدرك الجميع من دون استثناء، الصادقون على قلتهم، والكاذبون على أكثريتهم، ان بقاء الحال على ما هي عليه من المحال. فالشعب يعاني الامرّين، والوطن مهدد في وجوده، ومشاريع التقسيم وبعد ان كانت مصدرة من الخارج، اصبح لها الآن مريدون متحمسون في داخل الوطن، من طلاب الزعامات، والطائفيين، ومن كان الفشل حليفه في كل شيء، رغم توليه مناصب خطرة في الدولة.
والمصيبة ان هؤلاء المنبوذين وغيرهم كثيرون، لا علاقة لهم بما يجري في العراق من مصائب وويلات، بل حتى تصريحاتهم الاعلامية بمحاربة داعش وضرورة الخلاص منها، هي نفاق تدربوا عليه طويلاً، وخيبوا من جرائه امل الذين انتخبوهم وجاؤوا بهم الى مواقع المسؤولية.
لقد تساوى العديد من الفرقاء السياسيين على الضفتين، بل الثلاث، في ممارسة «التقية» وعدم الافصاح عن مواقفهم الحقيقية من اية قضية صغيرة كانت ام كبيرة. وهل هناك اكبر من قضية الاصلاح والتغيير في الظرف الراهن؟
لم يبق احد الا واعلن تأييده المطلق وحماسه منقطع النظير للتغيير الذي اعلنه الدكتور العبادي، وقبله الاصلاحات التي ظلت تراوح في مكانها. لكن هذا التأييد سرعان ما يفرغ من محتواه، عبر الاشتراطات والعقبات، التي اصبحت لازمة للكتل السياسية ورؤسائها. فمنهم من يعلن تأييده لكنه يريد اغلبية سياسية، ويجب ان يشمل التغيير العبادي نفسه. ومنهم من يصف العملية السياسية بانها وصلت الى طريق مسدود وينبغي تشكيل حكومة طوارئ. وآخرون يقدمون خارطة طريق او برنامجاً حكومياً موازياً لما اعلنه رئيس الوزراء.. (وهكذا جيب ليل واخذ عتابه).
ويتحمل السيد العبادي جزءاً كبيراً من المسؤولية. فإعلانه عن تغيير وزاري جوهري والمطالبة بمجيء حكومة تكنوقراط جاء مفاجئاً لجهة عدم التشاور مع الشركاء السياسيين او لجهة التمهيد لعمل كبير من هذا النوع.
ربما من حق الذين يشككون بجدية مشروع العبادي الجديد ويعتبرونه هروباً الى الامام سيما وان الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها لا يعرف منها غير الاسم. اما آليات تشكيلها وبرنامج عملها ومدى امكانية تحقيقها فما زالت في علم الغيب، وتنتظر انضاجاً وتهيئة حقيقية وصادقة ان كانت هناك قناعة راسخة بضرورة التغيير وما يتطلبه من اصلاح، وليس مجرد شعار او لافتة سيلفها النسيان كما لفّ غيرها من قبل.
ان التغيير مطلوب ويحظى باجماع العراقيين وهم ينتظرونه بفارغ الصبر، ويدركون جيداً ان على العبادي في الاساس توفير مستلزمات وشروط انجاحه، عن طريق تشكيل فريق عمل كفوء حقاً، ونزيه فعلاً، لا ان يجري اختياره من المستشارين والمريدين الذين سيفشلون حتماً، وإطلاق حوار مجتمعي واسع لا يستثني احداً، لكي يشعر الجميع بانهم معنيون بانقاذ سفينة الوطن، التي تبحر الآن في مستنقع الفساد والفوضى. ثم الاتفاق على برنامج وطني شامل يحدد الاولويات ويبتعد عن المسلمات وعن منطق ليس في الامكان احسن مما كان. وفي المقدمة من هذه المسلمات، المحاصصة بكل انواعها وان تبرقعت ببرقع التوازن او الاستحقاق الانتخابي!