المنبرالحر

هل يصبح الأبرياء في غياهب السجن ؟ / عاصي دالي

الفساد آفة مجتمعية عرفتها المجتمعات البشرية منذ فجر التاريخ ، المجتمعات, بغض النظر عن اتجاهاتها ولكنه بنسب متفاوتة , يرتبط ظهوره واستمراره برغبة الإنسان , في الحصول على مكاسب مادية , أو معنوية عن طريق الرشوة أو المحسوبية أو الواسطة أو اختلاس المال العام وغيرها, ويأتي ذلك من خلال انحلال البناء القيمي , وضعف الضوابط الأخلاقية في مؤسسات الدولة والمجتمع عموما, وكذلك عدم كفاءة ونزاهة القيادات الإدارية , وكبار المسؤولين , من وزراء ووكلائهم ومدراء عامين , لان اختيارهم يتم على أساس التزكية , أو الولاء للحزب أو الكتلة أو الطائفة , أو على أساس القرابة والصداقة والمحسوبية , دون مراعاة لمبدأ الكفاءة والخبرة والنزاهة ، وأحيانا تصل الحال إلى بيع تلك المناصب , وهذا ما جاء على لسان الكثير من المسؤولين في الدولة العراقية , منذ التغيير في عام 2003 حتى يومنا هذا .
وقد خرجت منذ تموز الماضي تظاهرات في عموم المحافظات العراقية , وبدعم من المرجعية الدينية , وهي تطالب بمحاربة الفساد والفاسدين , مما دفع الحكومة العراقية إلى اتخاذ عدة اجرءات إصلاحية , وبدلا من محاسبة ( حيتان الفساد) مثل ما أطلقت عليهم المرجعية الدينية الشريفة , نرى إن القضاء يستـأنف أحكاما على الشرفاء , من أبناء هذا الوطن , وهذا ما أكده بيان محلية الحزب الشيوعي العراقي في بابل (إن المادة التي حكم على أساسها عقيل جبار الربيعي "أبو مروان"(334) من قانون العقوبات العراقي النافذ رقم (111) لسنه (1969) المعدل وهي لا تنطبق عليه لأنه لم يستخدم وظيفته لمنفعة شخصيه ، له أو لغيره، إنما هو عمل بضميره وبإخلاصه لوطنه كعضو في الحزب الشيوعي العراقي وممثلا عنه في التحالف المدني في مجلس المحافظة ومتبنياً مطالب أهالي حي الطيارة)
وقد شهد الشعب للشيوعيين العراقيين , وعلى مدى مسيرتهم الطويلة الكثير من المواقف الوطنية والنزاهة , ففي أربعينات القرن الماضي حين فشلت وعجزت كل محاولات الحكومة آنذاك , في الحد من عمليات الاحتيال والابتزاز في البطاقة التموينية في العهد الملكي , وجـد الحل على يد الرجل الأول ( نوري السعيد ) العدو اللدود للشيوعيين , حيث قام بإخراج بعض الشيوعيين من السجن , وكلفهم بمهمة إدارة البطاقة التموينية , فاستغرب هذا القرار العجيب والغريب من لدن شخص عدو لا يهضم الشيوعيين ,وأذاقهم مرارة السجن والعذاب , من قبل الكثير من أعوان سلطته, لكنه اجاب على هذا الاستغراب بقوله انا اكره الشيوعيين , لكن صفة النزاهة وحب الوطن هي من خصالهم.
وكذلك وصف السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب الأسبق , بقوله في احدى المحطات التلفزيونية ( إن الحزب الشيوعي كان الأفضل اداءا من الجميع في البرلمان، وانه لم يرتبط بأية دولة أو جهة خارجية، وانه الأكثر نزاهة، وان الحزب الشيوعي هو الجهة التي لم تتلوث بالطائفية والإرهاب ) وأيضا قال السيد موسى فرج رئيس هيئة النزاهة الأسبق بحق الشيوعين ( كل النخب السياسية ينخرها الفساد إلا أعضاء الحزب الشيوعي )
وكذلك وصفهم الراحل ستار جبار , مؤسس جريدة البينة الجديدة (الشيوعيون العراقيون بقوا أوفياء للحق الوطني , وأوفياء لمبادئهم وان اختلف البعض معهم) وأضاف أيضا ( خذوا العبرة من الشيوعيين الذين يعتبرون عليا رمزاً للفقراء، وأبا ذر الغفاري راهب الاشتراكية الإسلامية )
إذن الشيوعيون لآن هم أنزه من في العراق شئنا أم أبينا, حقيقة ملموسة بالوثائق والأدلة الدامغة لا يشك في بياضها أحد رغم كل ما تعرضوا له من التشويهات طوال تاريخهم فهل يصح أن الأبرياء في غياهب السجن ؟