المنبرالحر

لم يفت الوقت بعد / مرتضى عبد الحميد

في مؤتمر المصالحة المجتمعية والتماسك الاجتماعي، الذي عقده مجلس النواب بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي قبل بضعة ايام تحت شعار «المصالحة الوطنية - خارطة طريق نحو عراق آمن مزدهر»، كانت كلمة السيد العبادي مهمة وجريئة، حيث ورد فيها الكثير من التشخيصات الدقيقة والصائبة، ومن بينها (ان المنطقة لا يمكن ان تتطور وتعيش بأمان، إلا بتعاون انظمتها وشعوبها)، وفيما يخص العرق ذكر (ان الكثير من الكتل السياسية اليوم اقيمت على اساس اثني او مذهبي، واطمح لايجاد كتلة كبيرة عابرة للطائفية والاثنية، ويمكن تحقيق ذلك، واتمنى ان تكون هذه الكتلة في الانتخابات المقبلة).
كلام سليم، رغم انه تأخر بعض الوقت، وكنا قد قلناه وقاله غيرنا مبكراً، لكي يستطيع المضي قدماً في إصلاحاته ويشل ايدي المعادين لهذه الاصلاحات في نفس الوقت. ان أي عمل جدّي مهما كان صغيراً يحتاج الى تهيئة وتحضير جيدين، قبل الاقدام عليه، وعدم الوقوف عند نقطة الانطلاق او الاكتفاء باطلاق الدعوات والاهابات والشعارات، فالمسافة بين الشعار وتنفيذه كبيرة جداً، وتتطلب جهوداً استثنائية من اجل وضعه موضع التطبيق، سيما اذا كان هذا الشعار مصيرياً، كما هو الحال في دعوة العبادي لاقامة او تكوين كتلة كبيرة عابرة للطوائف والقوميات، فمن الذي سيقوم بتشكيلها يا ترى؟
ان ضرورة هذا السؤال تكتسب صفة الاطلاق، وبدون الاجابة عليه بشكل واضح وصريح سنظل تائهين في ضبابية الوعود وفي بيداء الحذلقة اللفظية لا غير.
لا نأتي بجديد اذا كان حديثنا يدور حول مسؤولية كل المؤيدين للاصلاح على اختلاف اديانهم وطوائفهم وقومياتهم وثقافاتهم، في اقامة مثل هذه الكتلة او الجبهة، باعتبارها الطريق الذي لا طريق غيره، لتعديل ميزان القوى السياسي والاجتماعي المائل حالياً لصالح المعادين للاصلاح، وبالتالي توفير الارضية السليمة والمناسبة لاصلاح العملية السياسية، وتخليصها من مرضها المزمن، اي المحاصصة بتلاوينها واشكالها المختلفة.
بيد ان المسؤولية الاولى تقع على عاتق مطلق الدعوة، السيد العبادي، لأنه رأس السلطة، والقادر فعلاً على تجميع القوى المناصرة لعملية الاصلاح وهي كثيرة، لا ان يتركها تسبح في فضاء الاماني واحلام اليقظة، والمثل يقول: «لو كانت الاماني خيولاً لركبها الشحاذون!».
ان الخطوة الاولى الواجب اتخاذها من قبل رئيس الوزراء هي تطبيق الاصلاحات السياسية والادارية التي اعلن عنها هو لا غيره، وظل يطالب الشعب العراقي بتطبيقها من خلال حراكه الجماهيري ومظاهراته على امتداد الوطن، وحظيت بدعم واسناد قويين من المرجعية التي بُح صوتها وانسحبت مع الاسف الشديد نتيجة عدم التجاوب مع مساعيها ونصائحها.
كما يرتدي اهمية فائقة طرح برنامج وطني واضح لا لبس فيه، ورؤية شاملة لكل المعضلات التي تعصف بالبلد، لكي تجتمع عليه كل القوى والاحزاب والشخصيات المؤيدة والداعمة للاصلاح، بالاضافة الى إحياء مبدأ التشاور مع هذه القوى والشخصيات قبل اتخاذ القرار وليس بعده.
ان الوقت لم يفت بعد، وبإمكان السيد العبادي تشكيل هذه الكتلة من الآن والى الانتخابات القادمة.