المنبرالحر

صار اللعب خشن! / مرتضى عبد الحميد

كفريقين انتهى شوط مباراتهما الاصلي ويلعبان الآن في الوقت الضائع، يتقابل المؤيدون للاصلاح والمعارضون او المعادون له. ومن سوء الحظ ان الفريق الثاني متماسك اكثر من الاول بخطوطه الدفاعية والهجومية ولاعبي خط الوسط ايضاً، رغم الخلافات العميقة وتبادل الاتهامات ومحاولات التسقيط بين اعضائه، والمنتسبين اليه. فهم في اللحظة التي يشعرون فيها ان مصالحهم الانانية وامتيازاتهم مهددة او ان الخطر بدأ يقترب منها، تراهم يتوحدون في مواقفهم وفي خطابهم السياسي والاعلامي، منوعين في اشكاله وطريقة اخراجه مع بقاء الجوهر على حاله وهو الاستماتة في الدفاع عما امتلكوه ظلماً وعدواناً على حساب الشعب وفقرائه.
اما المؤيدون للاصلاح فللأسف لم يصلوا الى هذا المستوى من التنسيق والتعاون وتوحيد المواقف، رغم التلكؤ والتردد في تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها، وطرح حزمة جديدة منها، ربما سيكون مصيرها، مصير سابقاتها.
لقد اثارت الحزمة الجديدة، وفي القلب منها التغيير الوزاري المنوي القيام به والاتيان بحكومة تكنوقراط، يبدو انها معلقة في الهواء، ولم تجر تعبئة مستلزماتها بصورة صحيحة، اثارت حفيظة بعض القوى المطالبة بالتغيير، وخصوصاً من ذات المعسكر، معسكر القوى والاحزاب المتنفذة، فالتيار الصدري وهو قوة جماهيرية كبيرة كانت ردة فعله على المماطلة والتسويف والاصرار على مقاومة اي مسعى للاصلاح، قوية الى حد فاجأ المعنيين بالامر، واوقعهم في « حيص بيص « كما يقال. ولم يكتف بانزال مئات الآلاف من مؤيديه وانصاره الى الشارع، بل هدد باقتحام المنطقة الخضراء ومهد لذلك بالتظاهر امام بواباتها بحراسة مسلحيه كما اعلن في حينه، الامر الذي ادى الى فتح كل الابواب على مصاريعها وتوقع كل الاحتمالات.
التحالف الوطني الذي ينتمي اليه السيدر الصدر وتياره وأسماه بالتخالف الوطني، لم يستطع توحيد مواقفه، او الخروج بحلول تجنب البلد المزيد من الويلات، بما فيها شبح الحرب الأهلية، التي نوه الى امكانية اشتعالها احد كبار المسؤولين السابقين، عندما اشار الى قدرته في تحريك امتداداته في الجيش والحشد الشعبي لضبط الامور! « اذا فلتت «، وذهب منصب رئيس الوزراء الى جهة اخرى، وان كانت ضمن التحالف الوطني!
ويتفق المراقبون السياسيون وكل الحريصين على مصلحة الشعب العراقي، على ان الاوضاع معقدة وخطيرة الى ابعد الحدود، وما لم يتحل الجميع بالحكمة والنزاهة، والتجرد من الأنا وإعلاء راية الوطنية والديمقراطية، فسوف لن يكون امامنا غير طريق الكارثة التي لا تبقي ولا تذر.
ان الاصلاح والتغيير اصبحا ضرورة، وليسا خياراً، لأننا اقتربنا كثيراً من حافة الهاوية وعلى المتزمتين والذين إستحلوا المال الحرام، وفسدت عقولهم وضمائرهم إدراك الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، بأن الخطر يهدد الجمل بما حمل، فقد آن الأوان لأن يعرفوا ان الشارع العراقي يغلي، فلا يزيدوا النار اشتعالاً لأنهم سيحترقون بها قبل غيرهم.
لا مفر من الاستجابة لمطالب الناس الذين يتظاهرون منذ تموز الماضي باسلوب سلمي وحضاري، مجسدين الوحدة الوطنية، ومصالح ملايين العراقيين في التخلي اولاً وقبل كل شيء عن المحاصصة الاثيمة، مصدر كل الشرور والاورام السرطانية في جسد الدولة العراقية، ومكافحة الفساد وهو الوجه الثاني للارهاب بجدية عبر استهداف الحيتان قبل الضفادع، واجراء مصالحة وطنية مجتمعية، بعيدا عن الاستعراضات البهلوانية والاعلامية، وتشكيل حكومة معاييرها الكفاءة والنزاهة والوطنية والاخلاص للديمقراطية، بصرف النظر عن تسميتها. فالمهم جوهرها وقدرتها على انقاذ الوطن من المآلات المأساوية، التي تنذر بها الأوضاع الحالية واعادة القطار الى السكة الصحيحة.