المنبرالحر

وداعاً سيدة المعمار .. وداعاً زها حديد / علي فهد ياسين

توقف الثراء المعماري المميز لسيدة المعمار العالمي العراقية زها حديد، اثر نوبة قلبية مفاجئة في احد مستشفيات ولاية ميامي الامريكية يوم الجمعة الحادي والثلاثين من آذار الماضي، بعد حياة حافلة بالانجازات و التحدي لفضاء المعمار الذي كان يهيمن عليه عمالقة المعماريين العالميين الكبار، قبل أن تتقدمهم لنيل الجوائز الكبيرة والمهمة، التي استحقتها عن جدارة وهي تضع بصماتها الباذخة (علمياً وفنياً) في امهات مدن العالم، بتصاميمها لمؤسسات تحولت الى (مفاتن معمارية) لم يسبقها اليها أحد، في الشكل غير المألوف والمضامين الموفره لأعلى نسب الكفاءة في الاستخدام .
الحزن على رحيل هذه العراقية المبدعة خارج وطنها هو حلقة في سلسلة طويلة من قوافل الرحيل للكفاءات العراقية التي حُرمت من فرص المساهمة في بناء العراق في عهد الدكتاتورية البغيضة ومابعدها، والراحلة كانت قدمت تصاميم (مجانية) لاقامة مؤسسات مميزة في العراق وتم رفضها بحجج واهية ومنسجمة مع مناهج الفساد المعتمدة من القائمين على مراكز القرار في العراق، وهي واحدة من الصور والامثلة التي وقف فيها السياسيون المتنفذون ( جدراناً حاجزة) أمام مساهمة المبدعين العراقيين لخدمة وطنهم .
الراحلة الكبيرة كانت استاذة زائرة واستاذة (كرسي) في جامعات عالمية عريقة، وكانت تستضاف لالقاء محاضرات في تلك الجامعات وفي مراكزبحوث، وكانت تُعتمد رؤيتها المعمارية في البحث وبالتطوير كواحدة من الاسس الجديدة في المعمار المعاصر، وهي في نشاطاتها المستمرة تمثل مرجعاً معمارياً موثوقاً ومهماً على مستوى العالم .
رحلت زها حديد التي قدمت للعالم كل هذا العطاء الموثق أعمالاً باهرة بجهدها المميز وتأريخها المهني الكبير، وتسابقت عديد المؤسسات العالمية برثائها عرفاناً ووفاءاً لجهدها الانساني والعلمي الكبير، وفي العراق الذي تشرفت بحمل جنسيته وشرفته بانجازاتها العالمية، بادر البنك المركزي العراقي (مشكوراً) باصدار بيان أعلن فيه عن قرار ادارته بإقامة نصب تذكاري للراحلة في موقع البنك في الجادرية الذي قامت بتصميمه، والذي من (المؤمل) أن يبدأ العمل بتشييده في مطلع (2017)، بدلاً من أن تبادر الحكومة العراقية بالاعلان عن مسابقة لأقامة نصب للراحلة في واحدة من ساحات بغداد المهمة لتكون مثالاً تعليمياً للعراقيين بانجازاتها الكبيرة، ووفاءاً لما قدمته لوطنها على مستوى العالم .
ان تخليد الشخصيات العراقية المؤثرة على مستوى العالم (وكذلك على المستوى الوطني) كالراحلة زها حديد هو واجب وطني وليس اجتهاداً من طرف بعينه، وعلى هذا يكون على الحكومة العراقية التنفيذ لأنها جهة الاختصاص الاعتباري والمالي، ومن حق المؤسسات الفرعية أن تجتهد في تقديم ما تعتقده واجباً، لأن الراحلة أكبر من أن يُختصر تكريمها بمؤسسة قامت بتصميم بنايتها فقط !.
الذكر الطيب للراحلة الكبيرة زها حديد، والعزاء لعائلتها ومحبيها وللعراق .