المنبرالحر

المؤتمر العاشر.. مهامه وطموحات الشيوعيين العراقيين (1-2) / فلاح علي

يتهيأ الشيوعيون العراقيون لعقد مؤتمر حزبهم العاشر في ظل ظروف يمر بها البلد في غاية التعقيد والخطورة من أزمات سياسية واقتصادية ومالية وأمنية واجتماعية وقانونية وكأنها مستعصية عن الحل ، لا سيما وان الارهاب يهدد مستقبل البلد وداعش لا تزال تحتل مدنا عراقية ، في ظل هذه المخاطر يشهد البلد حراكا جماهيريا سلميا غير مسبوق في سعته وامتداده واستمراريته منذ عقود عدة. يطالب هذا الحراك الجماهيري بالاصلاح والتغيير . لهذا يحظى المؤتمر العاشر بأهمية استثنائية نظراً لما ينتظر الشيوعيين من مهام .
مراجعة وتدقيق الوثائق واعادة صياغتها تحظى بأهمية استثنائية :
1- ففي فترة التهيؤ للمؤتمر وأثناء عقده تنضج بيئة ملائمة لتطوير النقاشات على الوثائق المطروحة ، وبعض هذه النقاشات يكون منطلقها نقدي لأجل التطوير . وتشمل هذه النقاشات ملفات وقضايا عقدية في سياسة الحزب ومواقفه ، قد يتعذر الوقوف عندها في الظروف العادية لنشاط الحزب او في الاجتماعات . اي ان الدراسة والمراجعة والتدقيق الجماعي الواسع التمثيل للقاعدة الحزبية في المؤتمر ، يكون أرضية فكرية وتنظيمية وسياسية صلبة يقف عليها الحزب للانطلاق نحو التجديد والوضوح والتغييروالحضورالجماهيري والسياسي الفاعل والمؤثر في المجتمع .
2- الوضوح في الوجهة التي تتبناها وثائق المؤتمر لها أهمية حيث تمكن الشيوعيون من تعزيز وحدتهم السياسية والتنظيمية والفكرية ، في نضالهم اليومي وفي مواجهتهم وتعاملهم مع أي منعطف، وفي وضع حلول لأعقد المشكلات والأزمات البنيوية كتلك التي يواجهها الشعب والوطن وان الوضوح في الوجهة والمواقف يعزز ثقة الجماهير بالشيوعيين وحزبهم
3- اني ارى ان اهم خطوة عملية ينتظر التوقف عندها وبالذات فيما يخص الوثيقة البرنامجية وهي هل هنالك قصور سياسي في الوثيقة البرنامجية ، ام هنالك قصور في التكتيكات والآليات ؟هذا أولا وثانياً على صعيد النشاط على الجبهة الاجتماعية والاقتصادية وهو أهم نشاط عملي للحزب ومنظماته ، لا بد ان يتوصل المؤتمر الى استنتاج هل ان منظمات الحزب تمكنت من اجتذاب وتعبئة الطبقات والفئات الاجتماعية وبالذات العمال والكادحين وصغار المنتجين والفلاحين والطلبة والشبيبة والنساء والمثقفين ، وكون الوثيقة البرنامجية تعبر عن مصالحهم ومصالح الوطن وتتضمن اهدافا ومهام . وأين يكمن الخلل في حالة وجود اخفاق في هذا النشاط ؟ هل الخلل في الوثيقة وهذا يتطلب تدقيقها واعادة الصياغة ام في طبيعة النشاط الحزبي العملي بما فيه ضعف العامل الذاتي ... الخ؟ وهذا ما يمكن التعرف عليه من خلال دراسة وثيقة التقرير الإنجازي الذي سيقدم الى المؤتمر.
4- وبما ان الحزب الشيوعي العراقي يسترشد في نضاله بالفكر العلمي الفكر الماركسي فإن الوثائق المطروحة للدراسة والتدقيق قد تم صياغتها في المؤتمر التاسع على هذا الاساس من الجانب النظري و على ضوء دراسة وتحليل الواقع الملموس للبلد ، فإنها تجسد تطبيقاً للفكر الماركسي في الجانب العملي يستنتج من ذلك انه في المؤتمر يشخص الخلل على ضوء ظروف وواقع البلد ، و تتم إعادة إنتاج وثائق الحزب استرشاداً بالفكر الماركسي . من هذا نجد ان المؤتمر يوفر ارضية فكرية وسياسية وتنظيمية لاحتضان وتبني الوثائق من قبل كل الحزب .
5- أرى ان اهم قضية في العمل الحزبي بعد اعادة انتاج الوثائق هي تعزيز مبدأ الديمقراطية الداخلية و تدعيم وترسيخ منهج العمل الجماعي. واعطاء دور للكوادر الشابة من كلا الجنسين ، ويتكلل ذلك كله في تعزيز نهج تبني آليات عملية ملموسة في النشاط وانجاز المهام . والبحث عن النواقص والثغرات والعراقيل والصعوبات وتشخيصها بدقة من اجل تهيئة الإمكانات لمعالجتها او الحد من تأثيرها السلبي .
6- وهنالك أيضا اهم هدف من دراسة الوثائق هو التجديد والتطوير في التنظيم والسياسة والفكر . ويتجلى التطوير في الجانب التنظيمي بالتوجه العملي الجاد لتحويل الحزب الى حزب جماهيري، رغم انها مهمة صعبة بسبب ظروف البلد وأزماته المستعصية وغياب المؤسسات والقوانين الديمقراطية وفي ظل التدخلات الاقليمية . ومع هذا ارى من وجهة نظري انه تبقى كل الخطط والبرامج والتوجهات تمنيات اذا لم يتم التطوير وبالذات في التنظيم وتحويل الحزب الى حزب جماهيري . للشيوعيين رصيد جماهيري في المجتمع بكافة طبقاته وفئاته الاجتماعية ولكن الحاجة الى خارطة طريق . الى وضع استراتيجية تنظيمية تسهم في استنهاض كل الحزب لتحقيق هدف تحويله الى حزب جماهيري . ويكون من المفيد جداً في هذا الاتجاه التوجه نحوالشيوعيين في الداخل والخارج الذين تركوا الحزب لأسباب فكرية او سياسية او لموقف تنظيمي خاطئ. ان توفرت قناعة للعناصر النوعية التي تمتلك التجربة والخبرة والمعرفة والحضور الجماهيري ، فهذا رصيد جديد وزخم اضافي يعزز من حضور الحزب الجماهيري .
7- بالنسبة لوثيقة البرنامج اتعامل معها من منطلق محايد وليس كوني عضو في الحزب ، وبكل حيادية اقول انها تمثل المشروع الوطني الديمقراطي الوحيد المطروح الى الآن في الساحة السياسية العراقية. ولكن بحكم التزامي اتعامل مع الوثيقة في هذه الحالة من منطلق نقدي لأن للشيوعيين طموح كبيرلتطوير سياستهم وفكرهم وتنظيمهم هذا أولاً وثانياً يرى الشيوعيون ان وضع سياسة صحيحة غير كاف وانما ان يرافقها فعل عملي اي ممارسة بمعنى تحويل السياسة الى واقع الى فعل الى انجاز وهذه الوجهة هي التي تقترب من تحقيق الاهداف والمهام . من هذه المعطيات تكمن اهمية دراسة وتدقيق وثائق المؤتمر واعادة انتاجها و تكمن اهمية المؤتمر للشيوعيين .
قضايا ومنطلقات ومفاهيم بحاجة الى اعطائها اهتماما :
قبل ان أطرح بعض القضايا والمنطلقات والمفاهيم المهمة التي تحتاج الى اهتمام فكري وسياسي والى وجهة عملية ، أرى ان هنالك قضية لا تقل أهمية ولها صلة في هذه القضايا وفي تعبئة قوى الحزب نحو العمل والنشاط وهي :
القضية الأولى : هنالك تساؤلات عديدة وستطرح تساؤلات كثيرة في المؤتمر بعضها ذات طابع تنظيمي او سياسي او فكري او اعلامي .... الخ . الحاجة تتطلب تقديم إجابات واضحة ، الوضوح هو الذي يستنهض امكانات وطاقات الشيوعيين ويساعد على تعبئة الجماهير حولهم .
القضية الثانية : وهي القضايا والموضوعات والمفاهيم المهمة جداً والتي بحاجة الى إيلائها دراسة دقيقة والوصول الى مواقف او اجابات واضحة بصددها بأبعادها الفكرية والتنظيمية والسياسية والعملية ، وهذه هي مهمة كل مندوب وتشكل اهم هدف من أهداف المؤتمر ، وبعد التوصل الى وجهة صائبة وسليمة على ضوئها توضع خارطة طريق يسير كل الحزب ومنظماته وقاعدته وجماهيرة بثبات ووثوق وشفافية ووضوح وبثقة عالية وباندفاع نحو الاهداف والمهام التي تم اقرارها وتبنيها ، كما انها ستعزز من حضور وثائق الحزب وأدبياته بين جماهير الشعب وحلفاء الحزب وتعطي لها الروح والمصداقية والامل، ولا بد من الاشارة هنا ومن وجهة نظري إلى ان بعضا من هذه القضايا والمنطلقات والمفاهيم هي بحاجة الى المعلومات الاحصائية الدقيقة لأهميتها هذا أولاً وثانياً أرى ان هذه المنطلقات والموضوعات هي مترابطة مع بعضها بشكل ديالكتيكي وثالثاً ارى انها تمثل جزءا مهما من استراتيجية وتكتيك الحزب .
ومن هذه الموضوعات والمنطلقات والمفاهيم التي تحتاج الى دراسة والى اجابات واضحة في الوثائق الحزبية منها :
1- شعار المؤتمر
2- واقع الطبقة العاملة العراقية
3- التكتيكات والآليات ومنها التحالفات الطبقية والسياسية .
4- الحراك الجماهيري والنضال السياسي والمطلبي السلمي الجماهيري .
5- مهمة تحويل الحزب الى حزب جماهيري .
6- المحاصصة الطائفية والإثنية .
7- بناء الدولة
1- شعار المؤتمر : في المؤتمر تعطى اهمية للمناقشة في تحديد طبيعة شعار المؤتمر . رغم ان الشعار في مضمونه وفي بعده العملي هو مرتبط بالبعد السياسي اي بالخط السياسي للحزب ، لكن محتوى الشعار له ابعاد اخرى الفكري والتنظيمي ، اي ان للشعار ثلاثة اركان اساسية سياسي وفكري وتنظيمي. ولكن بالعودة الى شعار المؤتمر التاسع ارى من وجهة نظري افتقر الشعار الى بعده التنظيمي ، واقتصر فقط على بعدية السياسي والفكري .
والشعار كان : دولة مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية
على الرغم من انه طرحت أكثر من صيغة للشعار لكن فازت هذه الصيغة بالتصويت. وهو شعار من الجانب الفكري والسياسي صائب وسليم ويلبي حاجة الشعب والوطن ، ولكن في الممارسة العملية أكدت التجربة ان اهمال الجانب التنظيمي في الشعار حول هذه الحاجة الى أمنية . وما يؤكد صحة ذلك أطرح السؤال التالي : من يبني الدولة المدنية الديمقراطية ومن يحقق العدالة الاجتماعية . والدولة تقودها المحاصصة الطائفية والاثنية احزاب الاسلام السياسي وقوى قومية . بعضها لا تؤمن بالديمقراطية ولديها مشاريع أيديولوجية معروفة والبعض الآخر لا يؤمن بالعدالة الاجتماعية ، والشعار هو لحزب شيوعي خارج السلطة . هنا تحول الشعار الى أمنية ، لأنه من يحول الشعار الى واقع هو من يرفع الشعار ، اي الحزب ومعه حلفاؤه والجماهير الملتفة حول البرنامج والشعار . من هنا يكمن الخلل في استبعاد البعد التنظيمي من الشعار . اي ما أقصدة بالبعد التنظيمي هو الحزب وتنظيماته وتطويرها. ما أثار الاستغراب في المؤتمر التاسع ان احد الرفاق المتحدثين وهو يعمل في مختصة مركزية مهمة قال نريده شعارا قصيرا . وان كانت الرؤية صحيحة في قصر الشعار ولكن القصر لا يشترط الغاء اي من الاركان الثلاثة للشعار. هي ليس رغبة بقدر ما ان الشعار يمثل معادلة علمية ومعرفة نظرية وعملية متكاملة ولن يكتمل الشعار الا بأبعاده الثلاثة ، البعد السياسي والفكري والتنظيمي . اذا لم يضع الشعار مهمة تطوير التنظيم وبكل وضوح وتعبئة كل الحزب حوله، من ينجز هذا الشعار؟ ان من ملامح تطوير الجانب التنظيمي في الحزب هو في تحويله الى حزب جماهيري أي زيادة حجمه ودوره وفاعليته وتأثيره في المجتمع ، بهذه الوجهة يمكن ان نصل الى هدف تحقيق الشعار وانجازالمهام من خلال تطوير التنظيم، يستطيع الحزب بجماهيريته الدخول الى البرلمان او الى مجالس المحافظات مثلاً ، و تزداد قدرته وامكاناته في الفعل والتأثير وفي الضغط الجماهيري السلمي.