المنبرالحر

المطالبة بإلغاء الراتب التقاعدي لعضو مجلس النواب مطلب قانوني ومنسجم مع الدستور / زهير كاظم عبود

يفترض ان يكون العضو المنتخب في مجلس النواب ممثلا لمائة الف مواطن يتم انتخابه والتنافس مع غيره عن طريق الاقتراع السري المباشر ، هذا مانصت عليه المادة ( 49 ) من الدستور العراقي ، ووفقا لهذا النص لاقيمة قانونية لأي عملية ترقيع بمنح الخاسرين في الانتخابات ، والذين لم يمنحهم الشعب ثقته بالفوز ، ليتم منحهم العضوية في مجلس النواب خلافا لما ورد بالنصوص الدستورية ، لأن مخالفة النص الدستوري تحت أي ذريعة يعد جريمة انتهاك الدستور ، وتوجب محاكمة مرتكبها وأطرافها .
ومدة الدورة التي يعمل خلالها مجلس النواب اربع سنوات تقويمية تبدأ بأول جلسة وتنتهي بالسنة الرابعة ، ووفقا لما ورد بنصوص المواد من 47 - 64 من الدستور لم يرد نص دستوري يتضمن تخصيص رواتب تقاعدية عن خدمة السنوات الاربع التي سيقضيها عضو مجلس النواب ، مع ان الدستور اناط تحديد حقوق وامتيازات رئيس المجلس ونائبيه وجميع الاعضاء بقانون ، إلا ان هذا القانون يكون فاعلا ونافذا طيلة وجود عضو مجلس النواب في مهمته التشريعية ، وطالما تمتع عضو مجلس النواب بمركزه القانوني واستمراره بممارسة مهمته التشريعية ، ولايمكن تحميل النص خلافا لذلك ، وإذا كان عضو مجلس النواب يتمتع بالحصانة الدستورية عما يدلي به عضو المجلس من اراء في اثناء فترة الانعقاد اذا كانت تمس الغير وتسيء اليه ، ولا يتعرض للمقاضاة امام المحاكم ، كما لايجوز القاء القبض عليه خلال فترة الفصل التشريعي ، الا انه يجوز القبض عليه في حال ارتكابه جريمة الجناية العمدية المشهودة حتى وخلال عمله كعضو في مجلس النواب ، غير ان هذه الحصانة تنتهي بنهاية عمل عضو مجلس النواب من مهمته ، وحينها لاتسقط الاتهامات والأفعال الجرمية المنسوبة اليه والمتهم بارتكابها ، ويتم تنفيذ اوامر القبض او الاستقدام حسب القانون وترفع عنه الحصانة ويعود كما كان مواطنا عاديا لاتحميه حصانة سوى نصوص الحريات والحقوق التي اوردها الدستور أسوة بكل العراقيين .
ولايمكن لعضو مجلس النواب بعد انتهاء مهمته ان يدفع بأنه كان عضوا سابقا في المجلس لإسقاط الجرائم والتمسك بالحصانة ، ومثل هذا لايمكن لعضو المجلس ان يتمسك بحقه في ان يتم تخصيص راتب تقاعدي مهما كان حجمه بعد انتهاء مهمته في مجلس النواب بأي شكل من الاشكال ، بالنظر لعدم بلوغ الخدمة المذكورة المدة القانونية المحددة في قانون الخدمة المدنية والتقاعد المدني ، كما لايمكن ان يكون هناك قانون مخالف للدستور ، ولايمكن ترتيب حقوق لأعضاء المجلس لم ترد في الدستور ، وتخالف المنطق السليم في ان مهمة العضو في مجلس النواب هي مهمة تشريعية وطنية مؤقتة ، لذا لايمكن ان يبقى هذا العضو يستلم الراتب التقاعدي طيلة حياته دون تقديم خدمة مجزية ووفقا لما حددته القوانين النافذة والمرعية .
وما ورد بنص الفقرة خامسا من المادة 49 من قيام المجلس بسن قانون يعالج حالات استبدال اعضائه عند للاستقالة او الاقالة والطرد او الوفاة يؤكد أن حالة الاستبدال غير سائبة وتعالجها القوانين في أن يتم اختيار المرشح الذي حصل على اصوات أقل من أخر عضو في القائمة ، اما أن يتم تجاوز جميع المرشحين وهدر أصوات الناخبين ، وفرض رغبة ومزاج رئيس القائمة في اختيار أي شخص بغض النظر عن قدراته وكفاءته ، وبغض النظر عن عدم حصوله على الاصوات التي تؤهله او تقنع الاخرين بتصعيده عضوا في مجلس النواب .
ومع تكرار وكثرة حالات الاستبدال تمت مكافأة الأعضاء الجدد بمنحهم الراتب التقاعدي حتى أن خدمتهم يوما واحدا ، ودون التحقق من كون عضو المجلس له خدمة في الدولة العراقية تسبق تكليفه بعضوية المجلس من عدمه ، بل ودون التحقق من كون المذكور متقاعدا او مستمرا بالخدمة من عدمه .
ان انتهاكا للحقوق تمت ممارسته من قبل اعضاء مجلس النواب الذين لم يتم انتخابهم ، والذين تم اقصاؤهم ، والذين هربوا حتى لايمكن تنفيذ اوامر القبض بحقهم لاتهامهم بممارسة افعال ارهابية أو اجرامية ، او الذين انتهت مدة عضويتهم القانونية بانتهاء دورتهم ، هذه الممارسة التي ترقى الى مستوى الجريمة التي توجب المحاسبة في تخصيص رواتب تقاعدية ضخمة لكل عضو من اعضاء مجلس النواب بغض النظر عن مدة خدمتهم .
أن الحملة التي يقودها مجموعة من الشباب العراقيين الوطنيين الحريصين على استهداف الفساد المستشري في جسد العراق وكشف تفاصيله والمطالبة بانهاءه هي حملة وطنية مهمة وهادفة ، وتتبع هذه الحملة في مسارها الطريق الدستوري والقانوني وفقا لما نص عليه باب الحريات والحقوق ، واستنادا لما نص عليه الدستور في كفالة الدولة لحرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ، بالإضافة الى ان حرية الاجتماع والتظاهر السلمي من الحريات التي نظمها الدستور وأكد عليها وعلى حمايتها ، لذا فان منع هذه المجموعة من ذلك التعبير أن صح ذلك يعد انتهاكا صارخا للدستور ، وسحقا لحرية الفكر والعقيدة ، والوقوف ضد تنظيم مثل هذه التظاهرة يعد وقوفا الى جانب الباطل والفساد مع سبق الاصرار ، وهذا الفعل يحاسب عليه القانون اليوم او غدا بأي حال من الأحوال .