المنبرالحر

مساجين غوانتانامو! / مزهر بن مدلول

تتداول هذه الايام بكثير من الحماس، كلمات فقدت رنينها منذ عام 2003، فالنزاهة والامانة والمصداقية والطهارة ونظافة الذمم وحب الناس وطاعة ولي الامر... الخ، اصبحت تتردد بشكل ببغاوي على السن المسؤولين بغرض او بدونه، وكأنّنا وصلنا الى نهاية الطريق وما علينا الاّ ان نقوم بتهذيب النفوس لكي ننقذ بلدنا من واقع يتحكم فيه اخطبوط من المصالح والسياسات!.
لا شك، ان الاخلاق لعبت دورا مهما في حياة الناس واحتلت مكانا بارزا في الادبيات والافكار الفلسفية، لكنّ الزمن الذي يفصلنا عن سقراط يمتد ما بين 500 سنة قبل الميلاد الى عام 2016، لذلك علينا ان ننفض الغبار عن هذه المقولات على ضوء طبيعة الازمة التي نمر بها، لا سيما وان الاخلاق اصبحت تحصيل حاصل لانظمة انتاجية محكومة بقوانين.
كل دول العالم التي تحترم نفسها وتحترم مواطنيها، تضع الكفاءة والخبرة في مقدمة الاولويات باعتبارها المعيار الاساسي لاحتلال اية وظيفة حكومية كانت او خاصة، الاّ نحن، فدائما ما نعود الى القبيلة ومنظومتها الاخلاقية، وكأننا استنفدنا جميع وسائلنا، حتى صرنا نبحث بين الشياطين عن ملائكة يحكمون (ضيعتنا العراقية) ويتدبرون شؤون اهلها!، ولا ندري، كيف يتسنى لنا معرفة هؤلاء المخلصين؟ هل (سيمائهم في وجوههم)، ام نعرضهم على جهاز كشف الكذب!، ام انّ احزابهم زودتهم بشهادات مزورة لحسن السلوك!؟.
ثم كيف نضمن، بأنّ النزيه لا يتحول الى طفيلي جشع ويمرر الصفقات الى االاقارب والعشيقات!، وأن مناضلي الامس لا يتحولون الى جاحدين عندما تظهر عليهم اعراض التخمة، والذي يتوسل محبة الناس لا يكرههم عندما يهتفون امام وزارته، والمخلص للوطن لا يتحول الى محتال عندما لا يجد قانونا يتساوى بين يديه الحاكم والمحكوم ويخافه الشاهد والمتهم!.
يجب ان لا ننخدع، لا بالكلمات ولا باللحية ولا بالجبب ولا بـ (الكَصة العريضة)!، فهؤلاء المسؤولون بوجوههم القديمة المستعملة التي تشبه وجوه مساجين غوانتانامو!، غير قادرين الاّ على صناعة الهموم والكوابيس، ولذلك تراهم يتخفون خلف الجمل الرنانة لكي يبرئوا انفسهم من الشطط الذي وقعوا فيه في استعمالهم للسلطة.
ان التقدم الحقيقي لأيّة دولة، يكمن في قوة قانونها، فاذا اردنا ان نمنح العراق شهادة ميلاد جديدة، فذلك لن يكون الاّ بسلطة القانون القوية، فالقانون هو الذي يساوي بين المواطنين من دون تمييز، وهو الذي يعيد للشعب كرامته وثروته المنهوبة ويرمي اللصوص والقتلة خلف القضبان، ومن دونه، فسنكون كما قال جدنا افلاطون: (ان الناس بدون قانون لا يختلفون اطلاقا عن اشدّ الحيوانات وحشية)!.