المنبرالحر

التموينية السويدية / ابراهيم الخياط

عاش شعبنا بملايينه على البطاقة التموينية منذ اعلان الحصار عام 1990 حتى اليوم، وليس غريبا ما قاله معاون مدير عام دائرة التخطيط والمتابعة في وزارة التجارة، في تصريح صحافي، ان آخر احصائية تشير الى أن عدد المسجلين ضمن نظام البطاقة التموينية تجاوز الـ 34 مليون مواطن في حين أن عدد نفوس العراق ووفق آخر احصائية ـ أيضا ـ هو 30 مليون مواطن فقط، وطبعا هذا يشير الى فساد واضح في سجل التموين (وفي سجل الانتخابات بالتالي). وطبعا رغم الشكوى المستمرة من سوء نوعية مفرداتها وسوء توزيعها فالبيوت لاتستغني عنها.
وبعد ان طرد أبناء شعبنا مقترح إلغاء البطاقة التموينية من الباب، عاد ملمعو نهج البنك والصندوق الدوليين بالمقترح من الشباك، فصار القرار أن يتم التعويض بــ 30 ألف دينار لكل فرد عن كل حصته الشهرية للسنتين الماضيتين وهي (الطحين، الرز، الدهن، الصابون، السكر، الشاي، العدس، الفاصوليا، الحليبان للكبار والصغار).
هذا التعويض ليس فقط ضيئلا جدا،ً بل هو لا يأتي بمفردة واحدة من الحصة المغدورة. ولا تعلم حكومتنا أن (التموينية) قبل 70 عاما كان من مفرداتها حتى قماش (الململ) درءاً للبق، لان النوم كان فوق السطوح اذ لا كهرباء في ذلك العهد الغابر كما الان، ويومها بلغ الشاعر الفكه خيري الهنداوي الذي لم تكن النكتة تفارق مجلسه أن مدير التموين أمر بتوزيع قطع من قماش (الململ) ليخيط منها المواطنون كـُلل النوم (ناموسيات) إتقاءً للسع البق. ولكن لم ينل شاعرنا الهنداوي حصته فقال مخاطباً متصرف الحلة:
لو كنت تشهد لوعتي وتململي
فوق الفراش لما بخلتَ بـ (ململ)
رمض الدجى لا يستقر بمضجعي
جنب، وعيني بالكرى لم تكـحلِ
وابن الخليل ينام ملء جفونه
في (كـُلتين) من الطـــراز الاول
وكان مدير التموين (محمد بن الخليل) متزوجاً من اثنتين. ونحن الان لا نريد ململا ولا جوخا ولا نريد ان نقول بأننا نريد تعويضا، فلوسا، بدل (التموينية) لان الطلب هذا رغم انه يطيّب خاطر (بعض الهوى الدولي)، فنحن لا نريده حتى لا تتهمنا الحكومة كما إتهمتنا شقيقتها قبل عقود ماضية. فـ (توفيق السويدي) الذي كان رئيساً لوزراء العراق أربع حكومات (1929، 1930، 1946، 1950)، وحين تظاهر الموظفون في ولايته الثالثة مطالبين بزيادة الاجور والرواتب، ووصل الخبر اليه، قال دولته:
ــ زين، شو يكولون ماكو بالسوك لا زيت، ولا دهن، ولا حبوب، ولا شَكر، ولا شاي، ولا بطاطا، ولا لحوم، ولا أي حاجة، لعد ليش يردون تعويضات وزيادات، أكيد حتى يسكرون ويشتموني.