المنبرالحر

عندما يكون الداعية إرهابيا ؟! / ئاشتي

تفيض بروحك محطات من الحزن، وأنت تستعيد بذاكرتك تاريخ القتل في بلادك، والدعوات العلنية الى القتل، ناهيك عن تلك التي يتستر أصحابها بجلباب التسامح، وهم يضمرون من الكراهية للأخر المختلف بعدد خلايا أجسامهم، وكأنك في حضرة تاريخ بلادك، داخل في أزمان غابرة من الهمجية يوم كان القتل أسهل على القاتل من شرب الماء ، فترتعد فرائصك ليس خوفا من القتل، بل هو خوف على حاضر ومستقبل بلادك. حيث لا يمكن لها أن تعرف معنى الاستقرار والتطور وهي تعيش في مسلسل من القتل لا أول له ولا آخر، والدعوة العلنية الى القتل مثلما هي تبعث على الشعور بالخوف، تبعث كذلك على السأم واليأس والكراهية. ويبدو أن دعاة القتل يتمتعون بأكثر من صفة، فإضافة إلى كونهم ارهابيين، هم أغبياء كذلك، يقرأون التاريخ مقلوبا على رأسه، لا يعرفون أن من يدعون إلى قتلهم، يتمثلون قول أمام الفقراء علي ابن ابي طالب: لا أبالي، فسواء لديَّ- أجئت إلى الموت أم جاءني..
تفيض بروحك محطات من الحزن، وأنت تحاول أن تمسح من ذاكراتك كل دعوات القتل التي دُعي لها من قبل، وأنت العارف أن التاريخ لا يرحم الأشرار. فكم من أمثال الحجاج وهتلر وصدام حسين عرف تاريخ الإنسانية، وكم من أمثال السيد المسيح والحلاج وفهد خلد التاريخ. والفرق بين الأثنين مثل الفرق بين الضياء والظلام. مزبلة التاريخ كانت مصير هتلر وأمثاله، والعُلا كان للحلاج وأمثاله، فليس بجديد أن نسمع البعض هذه الأيام يدعو إلى قتل الشيوعيين، لأن هذا البعض يريد أن يُعرّف الناس بالمستنقع الذي سيؤول هو اليه، لأنه ربما لا يدري أن تاريخ العراق المعاصر سجل بأنقى صفحاته صمود ومجابهة الشيوعيين للقتلة، وربما أمية هذا الداعية لقتل الشيوعيين، هي التي جعلته يسقط في هذا المستنقع، لأنه لا يعرف كم باءت بالهزيمة دائرة تحقيقات بهجت عطية وهي تحاول أن تفي بوعودها لأسيادها بالقضاء على حزب الشيوعيين، وكم أنكسرت شوكة أنقلابيي 8 شباط 1963، وكم تبخرت أحلام الطاغية المقبور صدام بتلاشي حزب الشيوعيين. هذا البعض الداعي الى قتل الشيوعيين هو أرهابي لا يختلف عن ارهابيي القاعدة الذين يقتلون العراقيين دون وازع من ضمير.
ترتسم بروحك محطات من تاريخ بلادك وحزبك الذي تفتخر بالانتماء إليه، لأنه لا يعرف الخوف ما دام العراق ينام بين عينيه وإضلاعه، وأنت تردد مقطعاً من «عشاير سعود»:
«هذوله أحنه السرجنه الدم
عله أصهيل الشكر يسعود
وخلينه زهر النجم
من جدح الحوافر سود
تتجادح عيون الخيل
وعيون الزلم بارود
وياخذنه الرسن للشمس
من زود الفرح ونزود»