المنبرالحر

الاتفاق السياسي بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير الى أين؟ / فلاح علي

سلطت العديد من وكالات الانباء الاضواء على الاتفاق السياسي الاخير بين الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير وظهرت العديد من التكهنات ، وتابع الرأي العام العراقي والمهتمون بالشأن السياسي هذا الاتفاق ونتائجة على الارض . بلا شك ان الاتفاق له إتجاهان .
الاتجاه الاول هو تنظيمي : وقد يكون الاتفاق خطوة أولى لأعادة توحيد التنظيمين وهذا شأن داخلي .
اما الاتجاه الثاني هو بعده السياسي : أرى ان هذا الاتفاق ان توصل الى رسم خارطة طريق جديدة لحل الازمة السياسية في كوردستان العراق بالطرق السلمية الدستورية وبعيداً عن الصراع والتصعيد الاعلامي والخطاب المتشنج ، وإعادة بناء المؤسسات الديمقراطية في كوردستان ومنها البرلمان الذي هو مكسب لشعب كوردستان العراق الذي قدم التضحيات الجسام على طريق بناء كوردستان - العراق ديمقراطية فيدرالية بدون هيمنة وتفرد واستبداد وتهميش واقصاء الآخر ، وبمشاركة الشعب والقوى السياسية في كوردستان ببناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد . ان كانت وجهة الاتفاق التي ستمثله خارطة الطريق الجديدة بهذا الاتجاه فأنها ستكون خطوة تأريخية هامه في حل الازمة السياسية في كوردستان وتسهم في حل أزمات العراق . ولكن الخشية والخوف من ان توظف بعض القوى المتنفذة في التنظيميين هذا الاتفاق السياسي لخدمة مصالح فئوية وذاتية واستخدامة لكسر إرادات وبالتالي الاضرار بمصالح الشعب الكوردي والدخول في صراعات ضارة لا يريدها اي مخلص لكوردستان والعراق .
المؤشرات لمسار الاتفاق في الجانب السياسي :
بحكم متابعتي لأخبار كوردستان أتلمس ان هنالك وجهة ايجابية للتحرك المشترك ما بعد الاتفاق ، رغم عدم وضوح الهدف النهائي ، وهذا ما تؤكدة الاخبار المنشورة في الاعلام وآراء المحلليين والمطلعيين على حيثيات المسار أن الوجهة المعلنة للتحرك السياسي في كوردستان ما بعد الاتفاق هي التالي :
1- بدأ في الاسبوع الماضي عقد لقاءات من قبل وفد مشترك من الحركتيين مع الاحزاب الاسلامية في السليمانية التي لها نفوذ في برلمان اقليم كوردستان، وقد تعقد لقاءات مع الاحزاب الاخرى ، وهذه ضرورية لأن كل القوى السياسية في كوردستان سواء كانت في البرلمان او خارج البرلمان هي لها جماهير وقدمت تضحيات وهي معنية بمصير اقليم كوردستان – العراق . ووجهة هذه اللقاءات هو تبني الدعوة لعقد جلسة للبرلمان وحل الخلافات دستورياً مع تبني وجهة تحويل النظام في الاقليم الى برلماني بدلاً من رئاسي .
2- تشير التوقعات بعد الانتهاء من توحيد المواقف في السليمانية مع الاحزاب الاسلامية وغيرها من التي لها نفوذ في البرلمان سيرسلون وفدا الى أربيل للقاء مع قيادة الديمقراطي الكوردستاني لغرض حل الخلافات بالطرق الدستورية القانونية والسلمية وما يؤكده المحللون السياسيون انهم قد يلجؤون حتى الى الحلول التوافقية .
3- وفي حالة عدم الوصول الى اتفاق يتوقع بعض المحللين انهم وضعوا لهم وجهة هو انفصال الأقليم الى إدارتين ، هذا اذا إفترضنا ان الاحزاب الاخرى اتفقت معهم على فصل الاقليم الى ادارتين وهذه قضية صعبة ومعقدة تدخل فيها عوامل عديدة داخلية مواقف القوى السياسية سواء كانت في البرلمان او خارج البرلمان ومصالح الشعب الكوردي ومستقبل الاقليم وعوامل اقليمية ودولية المقصود هنا بالدولية هو الموقف الامريكي .
الموقف الامريكي :
1- أرى ان الادارة الامريكية لا تشجع على تقسيم الاقليم الى ادارتين لأن تقسيم الكيان القومي الى كانتونات او اجزاء لا يخدم استراتيجية السياسة الامريكية ومصالحها في العراق والمنطقة هذا أولاً وثانياً ان الادارة الامريكية تخشى ان يكون الكانتون الثاني في حضن دولة اقليمية ايران مثلاً .
2- ما أكدته تجربة العراق وليبيا وسوريا والسودان ... الخ ان السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط تهدف الى اقامة أنظمة سياسية قائمة على اساس المحاصصة الطائفية والمذهبية والاثنية في هذا البلد او ذاك ليكون لها حضور دائم في منطقة الشرق الاوسط بحكم وجود الفوضى في هذه البلدان وذلك بسبب طبيعة النظم التي تقيمها التي تنتج أزمات ومن اجل ايضاً ان يكون لها تأثير على سياسة البلدان .
3- ان السياسة الامريكية على الارض الآن تسير ضمن هذه الوجهة لغرض فرض ما تسميه بالامر الواقع ولتقول للعام ولشعبها هذه هي طبيعة مكونات البلدان ولأجل اعطاء الحقوق للمكونات لا يوجد غير هذه السياسة انها لا تريد دولا ديمقراطية مستقلة في بلدان الشرق الاوسط ، وهذا مرتبط بمصالحها واستراتيجياتها . حيث نجد ان الادارة الامريكية أجلت عملية تحرير الموصل وأعطت أولوية لتحرير الرقة السورية ودعمت وحدات الشعب الكوردي لأقامة ما تسميه بالفيدرالية في شمال سورية للشعب الكوردي . ورغم انها في العراق قدمت عرضا للبيشمركًا بملايين الدولارات لتقديمه مساعدة على شكل اسلحة . في نفس الوقت قدمت عرضا للوحدات العسكرية المسيحية في سهل نينوى بملايين الدولارات ايضاً وتقديمها على شكل اسلحة ، رغم ان المطران ساكو رفض هذه المساعدات وطلب تقديمها للحكومة العراقية ، وكذا رفضتها قوى مسيحية اخرى وطالبت بتقديمها للحكومة ، وقد تكون قدمت عرضا للوحدات الازيدية . انها تهدف لأقامة ادارة مستقبلية جغرافية في سهل نينوى لكيانات قومية ، ان السياسة الامريكية تحكمها مصالح ووجهة استراتيجية في منطقة الشرق الاوسط وأكدت التجربة ان هذه الوجهة الامريكية هي ضارة بمصالح شعوب المنطقة .
الاستنتاجات :
1-ان الاستنتاج الاساسي يكمن في الاجابة على السؤال التالي : هل ان الاتفاق السياسي بين الحزبيين سيلعب دورا ايجابيا في حل الازمة السياسية في كوردستان العراق بشكل دستوري وديمقراطي ويسهم في تعزيز وتطوير العلاقة مع المركز ويسعى بفاعلية الى انهاء نظام المحاصصة وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد قائم على المؤسسات الديمقراطية ودستور ديمقراطي؟
2- ان تجارب الشعوب في بناء أنظمة فيدرالية أكدت انه لا يمكن بناء النظام الفيدرالي من خلال المحاصصة ومن خلال الحرب واستخدام القوة ، وانما تبنى الانظمة الفيدرالية من خلال المؤسسات الديقراطية والقوانين والدساتير الديمقراطية .
3- يمكن تشبيه تجربة العراق مع الفيدرالية مثل شخص يبني بيت على رمال متحركة ، بدون اساس الاساس هي الديمقراطية كنظام ومؤسسات ، لكن تجربة العراق إقيمت على اساس المحاصصة ، وبهذا نجد أزماتها كثيرة ومستعصية ومعقدة لغياب المؤسسات الديمقراطية . بالنظام الديمقراطي ستكون حقوق القوميات بما فيها الفيدرالية وحق تقرير المصيرهي احد الثمار الطبيعية والقانونية للنظام الديمقراطي . اما التهديد باللجوءالى استفتاء في ظروف غير طبيعية بالاقليم وفي المركز وتوظيفة للتصعيد القومي والهروب من الازمات والصراعات الداخلية ما هو الا اضرار في الظرف الراهن بمصالح الشعب الكوردي بشكل خاص ومصالح الشعب والوطن بشكل عام في ظل نظام المحاصصة وأزماتها وغياب الديمقراطية ونظامها السياسي وفي ظل هيمنة مصالح اقليمية ودولية وتدخلها في الشأن الداخلي وفي ظل وجود الفساد و الارهاب واحتلال داعش لمدن وبلدات عراقية .
29-5-2016