المنبرالحر

التظاهرات ومسألة قياس الرأي العام / خليل ابراهيم العبيدي

يجري النقاش حول التظاهرات الجارية حاليا ومدى تمثيلها الراي العام العراقي، بناء على عدد المتظاهرين نسبة للشعب، وقد ادلى بعض السياسيين بان هذه التظاهرات لا تمثل الناخب العراقي، ونحن بدورنا نود ان نقول ان علم السياسة يعتمد معايير عدة لقياس الراي العام، ومنها التظاهر ويعرف التظاهر بانه التعبير بلغة السير والتجاهر بالهتاف في موضوع عام يشترك فيه المتظاهرون ليصلوا به الى الطرف الاخر، والتظاهر سلوك حضاري وحق طبيعي تكفله كافة دساتير العالم، حتى ان بعض الدساتير تنص عليه في ديباجتها، وقد نص الدستور العراقي لعام 2005 في المادة 38 اولا، على حرية التعبير عن الراي بكل الوسائل، اي التظاهر، والاعتصام، والتحشد الصامت، ولم تستطع الفقرة الثالثة من المادة اعلاه تقييد التصرف الا بالسلمية، على عكس ما قاله البعض بشان عدم شرعية الاعتصام لعدم وجود نص دستوري يشير اليه، لان عبارة بكل الوسائل كافية من الناحية القانونية لتسويغ الاعتصام باعتباره من وجهة نظر علم السياسة المرحلة الثانية للتظاهر، كما وان قياس حجم التظاهرات ومدى تعبيرها عن الراي العام للمجتمع، لا تقاس بالعدد فقط، اذ لا يمكن لكل من انتخب ان يتظاهر كى تكون التظاهرة قانونية، فالانتخاب معد له سلفا وعطل العمل من اجله في حين قد تكون التظاهرة عفوية، او ان تكون الانتخابات مزورة في حين التظاهرات حقيقية وصادقة، الانتخابات تم الصرف عليها التظاهرات مجانية، اهداف الانتخابات وبرامجها قد تكون كاذبة، في حين اغلب اهداف التظاهرات حقيقية تعبر عن حاجات الناس، وقد مارس العراقيون التظاهر منذ نشات الدولة العراقية عام 1921، بما في ذلك التظاهرات النسوية،ويقال ان حكومة نوري السعيد اصدرت قرارا بزيادة سعر القمح بناء على مقترح مصلحة تنظيم تجارة الحبوب انذاك، وكان رئيس مجلس النواب انذاك السيد محمد الصدر، فخرجت تظاهرة نسوية متجهة الى دار السيد محمد في الكرخ تهتف (يا سيد محمد رخص الحنطة لو بعنه لحفنه ابيش نتغطة) فالتظاهر جزء من طبيعة البشر،وقد شهد العهد الملكي تظاهرات كثيرة جدا ومنها التظاهرات الطلابية ضد معاهدة بورت سموث (جبر بيفن)، وتظاهرات عام 1956 ضد العدوان الثلاثي على مصر.، وقد كان للحزب الشيوعي العراقي الدور الابرز في توجيه التظاهرات،.
سادتي، ان اية تظاهرة لا يمكن ان تشمل الا اصحاب الحاجة الحقيقيون الا من تخلف بسبب كبر السن او المرض او الرزق او عدم السماح بترك العمل من قبل رب العمل او ممن لا يعرف بالتظاهرة، او من كان في سفر، او بعض السلبيين من الناس، وان النساء بالمطلق وبسبب الظروف الاجتماعية القائمة، لا يشتركن في التظاهر، وبهذا تعطل نصف قوة المجتمع العراقي الاستعراضية، كما وان استمرار التظاهرات وتعاقبها لهو انجع دليل على قوة الراي العام العراقي، وان اغلب معاهد قياس الراي العام تعتبر التظاهرات، اضافة الى طرق اخرى من انجع وسائل حصر وقياس الشعور الجمعي و التعبير عن الراي العام، كما وانها تقدر حجم التظاهرات وعدد المتظاهرين بعدد الاشخاص في المربع الواحد، وان قياس قوة هذه التظاهرات يعتمد على عدد المرات التي تخرج بها التظاهرة الى الشارع، التظاهر المنضبط والسلمي سلوك متمدن يعبر عن الحرية الحقيقية التي منحها دستور ما بعد التغيير، فعلى المتظاهر احترام هذا الحق وعم خرق قوانين الضبط الاجتماعي وعلى السلطات عدم التعسف باستعمال الحق والاستماع الى راي المتظاهرين، وعدم تفسيره على انه راي خاص فيه عدوان على السلطة لان مثل هذا الظن ارتكبته كافة سلطات ما قبل التغيير وكانت النتيجة استحكام العداء بين الدولة والمجتمع .