المنبرالحر

شروط قرض صندوق النقد الدولي للعراق / عادل عبد الزهرة شبيب

أعلن وزير المالية مؤخرا عن التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لحصول العراق على قرض بقيمة 5,5 مليار دولار وبفائدة سنوية 1,5 في المائة . علماً أن هذه المؤسسة الرأسمالية لا تمنح القروض الا وفق شروط محددة. فماهي هذه الشروط التي فرضت على العراق في هذا القرض وقبل بها ؟
من هذه الشروط وحسب تصريحات بعض المسؤولين :-
1. ايقاف التعيينات .
2. تخفيض نفقات الموازنة العامة بنحو 13 تريليون دينار .
3. اخضاع مخصصات كبار الموظفين الى ضريبة الدخل.( وتشير التقارير الى نية الحكومة فرض ضريبة الدخل على موظفي الدرجة الاولى والثانية وبنسبة 15 في المائة ).
4. تسوية مستحقات الشركات النفطية. ( وهذا هو المطلوب من القرض اذ أنه سيخصص للشركات النفطية وليس للاستثمار في المشاريع التنموية).
5. عدم شمول القوات المسلحة وصغار الموظفين بضريبة الدخل على المخصصات .
6. عدم المساس بالبطاقة التموينية وشبكة الرعاية الاجتماعية وشؤون النازحين من خلال تخفيض نفقات الموازنة العامة .
7. مراقبة هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وأجهزة مكافحة غسيل الاموال في التصرفات المالية .
8. أن تكون فترة السماح أكثر من عامين على أن يسدد القرض خلال خمس سنوات من تاريخ تحصيله.
وبهذا الصدد فقد (( استغرب الحزب الشيوعي العراقي من التوجه نحو صندوق النقد الدولي للحصول على قروض خارجية محذرا من وضع السياستين الاقتصادية والمالية العراقيتين تحت الوصاية على خلفية اشرافه عليهما مقابل منح العراق القرض )).
ان مثل هذه القروض ستزيد من ديون العراق , ثم من يضمن صرف الاموال في المجالات المطلوبة ذات الاهمية القصوى للاقتصاد العراقي من دون أن تمسها يد الفساد؟
ان شروط صندوق النقد الدولي سيتحمل عبأها المواطنون حيث ستزيد معاناتهم. ويفترض بالجهات المسؤولة ايجاد البدائل لتطوير الوضع الاقتصادي بدلا من التوجه نحو صندوق النقد الدولي الذي ينبغي ان يكون اخر الخيارات , علما ان الديون الخارجية قد تشكل ازمة عند فشل الحكومة في سدادها مع الفوائد المترتبة عليها بالعملة الاجنبية. اذ ان توقف الحكومة عن سداد ديونها سيؤدي الى فقدان المستثمرين في الاسواق الدولية وتجنبهم الاشتراك في اية مناقصات وفقدان الثقة بالدولة .
فهل العراق بحاجة فعلا الى القروض الخارجية وفق الوصفة الجاهزة لصندوق النقد الدولي ؟. العراق ليس بحاجة الى القروض الخارجية وزيادة ديونه, كونه دولة نفطية ولديه موارد مالية كبيرة ورصيد من العملات الاجنبية , وهو قادر على تحقيق التنمية وتحسين الوضع الاقتصادي للبلاد فيما لو احسن استخدام موارده المالية ووجهها الى الاستثمار في مشاريع اقتصادية تدر عليه الربح الكبير والفائدة , وتمت مكافحة ظاهرة الفساد المالي والاداري مكافحة جذرية والتصدي لكبار الفاسدين الذين يشغلون مناصب مهمة في الدولة, وفيما لو اعتمد التخطيط الشامل وتجنب الهدر والتبذير. الى جانب الغاء استيراد السلع الترفيهية والكمالية, والغاء استيراد السلع التي يمكن انتاجها محليا مع وضع حد لسياسة الاغراق المعتمدة حاليا, اضافة الى تشجيع الصناعة ومعاملها المتوقفة سواء في القطاع العام ام الخاص ودعمها بالقروض الميسرة وتشجيع الانتاج الزراعي ومعالجة مشاكله ووضع حد لاستيراد سلة غذاء العراقيين من البلدان المجاورة والدول الاخرى .وفيما لو تم تقليص نفقات الرئاسات الثلاث.
ان المؤسسات الرأسمالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية تهيمن عليها الدول الرأسمالية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي تقوم بالضغط على البلدان النامية لغرض ربطها بالديون وعندما تعجز هذه البلدان عن تسديد ديونها وفوائدها الكبيرة بسبب العجز في ميزان مدفوعاتها وهذا ما يدفع بهذه المؤسسات الى التدخل وفرض شروطها المجحفة , ما يجعل هذه البلدان في تبعية اقتصادية وسياسية للأنظمة الرأسمالية. وان الدول التي تكون بحاجة الى الاموال تجد نفسها في موقف ضعيف في تعاملاتها مع صندوق النقد الدولي الذي شبهته الشركة الاوربية الخاصة بالديون والتنمية المعروفة باسم (يوروداو ), بأنه كمن يتفاوض وهو يصوب بندقية الى الطرف الاخر .
ان اللجوء الى القروض الخارجية قد يفقد البلد استقلاله عندما تصبح الرواتب والاسعار والضرائب خاضعة لقرارات صندوق النقد . والعراق اليوم بحاجة الى حسن ادارة امواله ومحاربة الفساد وبحاجة الى وضع استراتيجية اقتصادية وسياسة مالية ونقدية فاعلة وسليمة, وبحاجة الى تأهيل القطاع العام ومعالجة مشاكله ومساعدة القطاع الخاص ودعمه وتشجيع مبادراته الى جانب معالجة الكهرباء والوقود الضروريتان للفعاليات الاقتصادية, والعمل على تنويع مصادر الدخل القومي والتخلص من الاقتصاد الريعي الوحيد الجانب , وتفعيل دور القطاعين المختلط والتعاوني الى جنب القطاعين العام والخاص من اجل تطوير اقتصاد البلاد والنهوض به . اضافة الى ضرورة التخلص من نظام المحاصصة سيئ الصيت. فهل تستطيع الحكومة بوضعها الحالي فعل هذا الامر ؟ لا شك أن شكوكا كثيرة تحوم حول ذلك .