المنبرالحر

عزيمة الشيوعين أقوى من جرائم الطغاة / عاصي دالي

جاءت ثورة تموز 1958 نتيجة حتمية للنضال الجماهيري المميز للشعب العراقي بكل فصائله السياسية والمهنية ضد السلطة الحاكمة، التي كانت تستهين وتتلاعب بمقدرات الشعب .
لكن هذه الثورة اغتيلت من قبل قوى إجرامية، عملت وخططت لسنوات خلت لتنفيذ جريمتها التي لم تنافسها ببشاعتها أية جريمة في تاريخ العراق الحديث، ووقفت متراصة جنباً إلى جنب مع عصابات البعث، لتنفيذ جرائمهم الدنيئة تحت عنوان القضاء على الشيوعية والشيوعيين، من خلال القضاء على ثورة تموز وكل من يقف إلى جانبها ويناصرها، وتم الانقلاب الدموي في 8 شباط الأسود، الذي أراق الدم العراقي للآلاف من الشهداء، واستخدمت المدارس والملاعب وبعض دور السينما والنوادي إضافة إلى السجون والمعتقلات, وأضيف الى تلك المعتقلات مسلخ بشري، هو قصر الرحاب والذي سمي قصر النهاية وكأنه يرمز لإنهاء حياة الكثير من الأبرياء والذين كانت تهمتهم الوحيدة هي حب الوطن .
كل هذا الإجرام لم يثن عزيمة الشيوعيين وأصدقائهم من السير في طريق النضال، فانتفضت ثلة من المناضلين تمثلت بالشيوعي العريف حسن سريع ورفاقه الخالدين، في معسكر الرشيد الذين أرادوا القضاء على القوى الظلامية التي تسللت في غفلة من الزمن لتعبث بمقدرات الشعب العراقي، من خلال الإجهاز على ثورة تموز 58 المجيدة، التي حققت انجازات خلال فترة قصيرة ما يفوق إنجازات عشرات السنين .
فقد أعلن نظام الحكم في العراق نظاما جمهوريا والخروج من الحلف الاستعماري (حلف بغداد) والخروج من دائرة الجنيه الإسترليني وهذا يعني تحرر البلد من التحكم باقتصاده الوطني وتم إقرار عدة قوانين منها قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 وسن قانون الأحوال الشخصية رقم 188لسنة 1959 والذي نظم العلاقات الأسرية وأعطى إلى المرأة العراقية حقوقها وكذلك تم تشريع قانون رقم 80 لسنة 1961 الذي استعاد بموجبه معظم الأراضي العراقية غير المستثمرة والتي كانت تحت امتياز الشركات النفطية وتمت إجازة النقابات والاتحادات العمالية وتحديد ساعات العمل بثماني ساعات.
فكانت حركتهم الثورية في 3/تموز 1963 للإطاحة بالحكم الدموي بعد خمسة أشهر من توليه السلطة، إذ تمكن ومعه فتية من العسكريين لم يكن فيهم ضابط واحد ولم تتوفر لديهم الأسلحة المطلوبة من احتلال معسكر الرشيد، واستطاعوا اعتقال أكثر من عشرين وزيرا وقياديا من قيادات حزب البعث، على أمل إحالتهم الى لمحكمة واحتفظوا بهم ولم يمسوهم بضرر وكان بالإمكان قتلهم لكن أخلاقهم لم تسمح بذلك عكس ما قام به الحرس اللاقومي عندما سفك دماء الوطنيين الشرفاء، مـن أبناء هذا الشعب بحجة انتمائهم إلى الحزب الشيوعي العراقي، أو مطلق الاشتباه بذلك.
ولكن ظروف الانتفاضة التي رافقتها بعض الأخطاء، من قلة الخبرة أدت إلى إفشال الانتفاضة وإلقاء القبض على أغلب المشتركين فيها، بمن فيهم قائد الحركة المناضل (حسن سريع) الذي أعلن وبكل شجاعة عن مسؤوليته المباشرة في القيام بالحركة، وعند وقوفه أمام المحكمة الصورية التي شكلت لمحاكمته وسؤاله من قبل رئيس المحكمة، لماذا حملت رتبة ضابط هل تريد أن تكون رئيس جمهورية فقال بكل شجاعة (ما أردت أن أصير رئيس جمهورية أو ضابطاً في الجيش إنما أردت إسقاط حكومتكم وعن حملي رتبة ضابط فأقول كيف تحول عبد السلام من عقيد إلى مشير بـرمشة عين) مما دفع القاضي إلى السكوت، والحكم عليه وعلى رفاقه الآخرين بالإعدام رميا بالرصاص، وتم تنفيذ الحكم بهم في 17 تموز 1963 وهو يردد القول المأثور (السجن لي مرتبة والقيد لي خلخال والمشنقة يا شعب مرجوحة الأبطال) ثم هتف باسم الحزب الشيوعي العراقي، وهكذا قدمت هذه الكوكبة الشجاعة دماءها الزكية لتروي بها ارض الوطن العزيـز.
المجد والخلود لشهداء الانتفاضة الأبطال
المجد والخلود لشهداء الحركة الوطنية العراقية
الخزي والعار لأعداء الشعـــوب.