المنبرالحر

الاتجاه المعاكس العراقي.. / ابتسام ابراهيم

أجمل ما في سيارات الأجرة هو برنامج الاتجاه المعاكس الذي ينتهي بجدال عقيم وفي اغلب الأحيان يصل إلى العراك,لكنك تحصل على نوع جديد من المحللين السياسيين والذين تعج بهم البلاد وغالبا ما أنصت لحديثهم خصوصا كبار السن فمن أفواههم تعرف التاريخ الحقيقي أفضل مما هو في السجلات والوثائق والتي تعرض اغلبها للحرق والتزييف بفضل الحكومات المتعاقبة من باب -إن الإسلام يجّب ما قبله- ومع كل اقتراب لذكرى 14 تموز أو 8 شباط تجد إن اغلب العراقيين نادمون على قتل رجل قد لا تكرره الظروف وتجد من يربط بين ثورة تموز وما أعقبها من أحداث دموية وكوارث حلتْ بالعراق واهله.
ولكني أتساءل ما علاقة قاسم والقتل والسحل في الشوارع ؟البعض يتهمه بأن انقض على ديمقراطية وليدة...وليدة عمرها أربعون عاما.. البعض يظنه أمر بقتل العائلة المالكة(مالكة لأي شيء وهم جاؤوا من الحجاز بقانون بريطاني ) ثم إن الجماهيرهم من فعلوا ذلك والصور الفوتوغرافية شاهدة
البعض يقول انه أتى بالشروكَية وغرسهم في قلب بغداد رغم إنهم هربوا من ظلم الإقطاعيين تاركين بيوتهم لشدة الجوع وسكنوا الميزرة و الشاكرية وغيرها قبل قاسم بسنوات
ثقافة القتل والسحل لم يبتكرها قاسم للعلم فهي موجودة في تاريخ العراق من مسلم بن عقيل وزيد المصلوب في الكناسة وهلم جراً
البعض يقول إن قاسم أسس للانقلابات العسكرية ونسوا إن بكر صدقي قد سبقه بعشرين عاما والشعب العراقي شعب عسكري بامتياز
البعض يتبجح بمنجزات الملكية والتي بقيت مشاريع حبر على ورق أربعين سنة إلى أن نفذها قاسم بأربع سنوات ولا أريد الاستشهاد بجسر الصرافية الذي جاء به مهندس بريطاني قبل 1958 لأنه لم يلائم مناطق أوربا(العراق مستودع لاستقبال النفايات منذ عقود) بنى المدارس للفقراء بعد أن كانت حكرا لأصحاب الكروش وجعل قبول البسطاء في الجيش موازيا لقبول أبناء التخمة ,الغى الامتيازات و الزمالات الدراسية التي كان يتمتع بها فقط أبناء الذوات
لست مع قاسم ولا مع غيره لكن ما سمعته من كبار السن الذين عاصروا كل حكام العراق ثم قتله وهو صائم و إخفاء قبره إلى ألان جعلني ادرك إن هذا الرجل قدم في أربع سنوات ما لم يقدمه حاكم في عشرين أو ثلاثين سنة وان اغلب الناس ليومنا هذا يعيشون بخيره حيث لم يقبل حاكم على توزيع أراضي للفقراء غيره فما منحه للناس صار وطنا للأبناء ثم ميراثا للأحفاد الذين بقوا يتنعمون بالفقر بفضل ما حل بعد عبد الكريم قاسم.