المنبرالحر

أمريكا ستتخلى عن حلفائها امام مصالحها / زهير كاظم عبود

وعلى عادتها دائما الولايات المتحدة الأمريكية تسحب البساط من الأخوان ، وتعلن رسميا أن ما حدث في مصر تغيير ديمقراطي وليس انقلابا قام به الجيش. وعلى عادة السياسة الأمريكية التخلي عن حلفائها وخدامها في اللحظات التي ترى ان مصلحة الولايات المتحدة هي الأنفع والأصلح ، وصرح الناطق الرسمي للبيت الأبيض بأن المعزول محمد مرسي لن يعود الى السلطة بالرغم من تلك المحاولات التي تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية لإعادة تثبيت حكم الاخوان المدعوم منها ومن بعض دول الذيل الامريكي في المنطقة . وبعد ان انكشفت المساعدات المالية والمعنوية التي تقدمها حك?مة الولايات المتحدة الأمريكية لحركة الأخوان ( الحزب اليميني الأرهابي المتطرف ) ، بالإضافة الى دعم ترشيح المعزول محمد مرسي لرئاسة الجمهورية ، وهي تعلم حق اليقين ان مرشد الأخوان كان هو الرئيس الفعلي في تلك الفترة ، الا ان المصالح الامريكية والسياسية تقتضي ان تبقى المنطقة ملتهبة بفعل القوى السياسية الرجعية المتبرقعة بلبوس الدين . حين اطيح بالشاه الإيراني محمد رضا بهلوي ولجأ الى امريكا ، وكان من اخلص اصدقائها ومنفذي سياستها في المنطقة ، طلبت منه سلطات الولايات المتحدة الأمريكية مغادرة اراضيها _ ولو بشكل مؤق? _ ريثما تنتهي أزمة رهائن السفارة ، وصدق المسكين التبرير والطلب وهم بمغادرة المشفى الذي يقيم فيه ، إلا ان المخابرات المركزية منعته من الخروج من البوابة الرئيسية للمشفى ، وطلبت منه المغادرة من الباب الخلفي تجنبا من وجود صحافيين وإعلاميين ، وحتى لا ينتشر خبر مغادرته اعلاميا ، وحين هم بالمغادرة ومعه زوجته السيدة فرح ديبا التي لمحت دموع الشاه وهي تنزل على خديه ، فهونت عليه بكلمات لطيفة معتقدة ان الدموع كانت بسبب خلعه عن كرسي السلطة ، فأشار لها الشاه الى قطعة مثبتة على الباب التي خرج منها ، كان مكتوبا عليها (? باب الأزبال )) .
وكان صدام حسين واهما انه يقاتل ايران خدمة للمصالح الامريكية في المنطقة ، وحين فكر في احتلال دولة الكويت لمح تلك الأضواء الخضراء وعدم المبالاة من حليفه الأمريكي ، إلا انه حين وصلت قواته لتحتل أرض وأهل الكويت ، اظهرت الولايات المتحدة الأمريكية العصا تهدد بها صدام ثم تضربه على قفاه ، ولما لم تردعه العصا ولم يفهم الاشارة قررت ازاحته نهائيا عن طريقها .الجسور التي يمدها اخوان تركيا مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع اسرائيل جسور وثيقة ، ومتينة لعلاقات إستراتيجية بعيدة المدى ، وبالرغم من الاتفاقية العسكرية الت?كية - الإسرائيلية ، والتحالف العسكري القائم والدائم بين الدولتين ، والتي حرص الأخوان المسلمون في تركيا على احترامه وبقائه مستمرا، فأن الجسور الإعلامية والمساعدات التي تقدمها السلطة التركية الأخوانية لمنظمة حماس الفلسطينية لن تلغي مثل تلك العلاقة ، ولن تؤثر فيها ، والحرص على بقاء قاعدة انجرليك الأمريكية على الأراضي التركية دليل على متانة العلاقة ، تلك العلاقة التي ستنفض امريكا يديها منها عند تضاربها مع مصالحها ، او حين ترسم سيناريو جديد في المنطقة ، سيناريو يقوم على محاربة التطرف في دولة وتحالفها مع التطرف ?ي دولة أخرى ، وفق ما تمليه المصلحة الأمريكية التي ستقذف بحليفها اردوغان بعيدا . وليس بعيدا عن المتابع ما قامت به المخابرات المركزية من تأسيس تنظيم القاعدة الارهابي لمواجهة الحكم اليساري في افغانستان ، ومن ثم زرع خلايا ذلك التنظيم في المنطقة العربية ، ومن ثم محاولة دفعه الى المناطق التي يراد لها ان تبقى مشتعلة وبحاجة للحماية الأمريكية ، وحين تقتضي المصلحة الأمريكية فأن اول ما تلجأ اليه السياسة الأمريكية هو التخلي عن حلفائها بالرغم من كل الخدمات التي قدموها لها . ان تجربة ما قام به الاخوان في المنطقة دليل ع?لي على تنفيذ مخططات تعيد المناطق التي تمكنوا منها الى الوراء ، فتعيد بناء قيم التخلف والتراجع وهو ما تشهده المنطقة حتى بزوغ الوعي وظهور الارادة الشعبية التي ستعيد الحياة الى تلك المناطق بعد ان اغلق الاخوان منافذ الحياة فيها.