المنبرالحر

"عمت عينج يالمحاصصة شكد عينج قويه" / عاصي دالي

منذ انهيار النظام السياسي الدكتاتوري في العراق بعد عام 2003م بفعل التدخل العسكري للقوات الأمريكية والتحالف الدولي، كان أمل العراقيين إعادة بناء دولتهم بأسلوب جديد وفكر جديد على أساس الفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة واعتماد التجربة الديمقراطية في ظل وجود دستور دائم، يشكل الوعاء الرئيس الذي تدور حوله تلك الأفكار، إلا أن هذا الأمل اصطدم بوصفة المحاصصة الطائفية، التي وجد فيها الفرقاء السياسيون العلاج والمسكّن الوحيد لإرضاء رغباتهم، وتقاسم السلطة، وتم تشكيل الحكومات اللاحقة على أسس طائفية وإثنية مناهضة لمبدأ المواطنة، وتشكلت اغلب مؤسسات الدولة على قاعدة المحاصصة التي قسمت الشعب العراقي إلى طوائف وملل متعادية، وأصبحت الهويات الفرعية قاتلة للهوية الوطنية، وبدلا من توجيه الموارد المالية النفطية صوب التثمير الإنتاجي لتحقيق التراكمات الرأسمالية لصالح تنويع الاقتصاد الوطني وتخليصه من ريعيته، تم تغييب الإنتاج الصناعي والزراعي، وحل محلهما الاستيراد المنفلت لكل السلع الصناعية والزراعية .
وأول من وقف ضد مبدأ المحاصصة الطائفية هو الحزب الشيوعي العراقي، حيث جاء في الفقرة السادسة من برنامجه الذي أقره المؤتمر الثامن للحزب، في بناء الدولة والنظام السياسي (نبذ نهج المحاصصات والتوظيف السياسي للدين، وإنهاء مظاهر الاستقطاب الطائفي، وتكريس الوحدة الوطنية) وجاءت التظاهرات الجماهيرية في شباط 2011 وهي تطالب بإصلاح النظام، من خلال إلغاء نظام المحاصصة، وتوالت بعد ذلك جميع الكتل، والشخصيات السياسية الحاكمة، وهي تهاجم وتلعن المحاصصة بدءاً بالسيد رئيس الجمهورية، فواد معصوم عن كتلة التحالف الكردستاني بقوله (ان العراق بحاجة ماسة الى دولة مؤسسات حديثة وحيوية لا الى نظام محاصصة) وقال السيد وزير النفط المستقيل، عادل عبد المهدي عن كتلة المواطن (المحاصصة واحدة من المظاهر السلبية والخطيرة للاستحواذ على المواقع على حساب الكفاءة وحقوق المواطنين فعلى الرغم من المبررات الأولى، لكنها اليوم سرطان يجب استئصاله) وانتقدها السيد أياد علاوي زعيم الكتلة الوطنية بقوله (الطائفية والمحاصصة وراء أوضاع العراق القلقة) ورغم ذلك بقيت المحاصصة صامدة بوجه إصلاحات رئيس الوزراء حيدر العبادي فــ "عمت عينج يالمحاصصة أشكد عينج قوية"؟!