المنبرالحر

كأن الخطر قادم عبر الحدود فقط! / ياسر السالم

لا شك أن احتمالات تأثر العراق بأي هجوم عسكري غربي على سوريا، كبيرة وخطيرة، ويُعتقد أنها ستجر البلاد إلى قعر الهاوية، وهي التي تقف على حافتها !
الأصوات المتعالية المطالبة بتحصين الداخل العراقي إزاء تأثير الأزمة السورية، واتخاذ تدابير وقائية، يجب الإصغاء لها.. سيما ونحن نتلمس التأثير هذا بشكله الواضح، متجليا في ارتفاع معدلات النشاط الإرهابي والعنف الطائفي على مدى الأشهر القليلة الماضية.
أنها ليست مبالغة في استشراف مآلات الأحداث وانعكاساتها، بل هي مخاوف لم يتردد حتى رئيس الوزراء، وقيادات سياسية أخرى لها نفوذ في السلطة، في كشفها أكثر من مرة وبشكل صريح، بصرف النظر عن النوايا.
كيف للتدابير الوقائية أن تجري؟
الرؤوس المقررة في السلطة لجأت إلى تطبيق سياسة الأسوار الأمنية، بهدف تحصين الداخل العراقي أمام أي ارتدادات سلبية طارئة عبر الحدود السورية.
السور الأول كان الحدود ذاتها، حيث يتم تحشيد آلاف العناصر الأمنية وآلياتهم، فضلاً عن غلق المنافذ ووضع الحواجز وحفر خندق على طول الشريط الحدودي.
وهناك بعده العملية الأمنية التي تنفذها القوات المسلحة البرية في أطراف بغداد، والتي سميت «ثأر الشهداء».. فهدف هذه العملية غير المعلن، هو تحصين أسوار العاصمة بغداد، فهي بمثابة خط ثانٍ للدفاع.
عند هذا الحد توقف المسؤولون في الحكم، وكأن الخطر قادم عبر الحدود ومنها .. فقط لا غير!
ليس ثمة حديث حول التدابير الاحترازية، التي يجب أن لا تبقى مقتصرة على الجانب الأمني وحده، بل من الضروري أن تتعداه إلى تدابير سياسية، وحتى تدابير اقتصادية.. وإلا لماذا اعلنت شركات النفط الاجنبية العاملة في بلادنا حالة التأهب؟
الخطر الحقيقي لانعكاسات الأزمة السورية، يبدأ إذاً من داخل السياسة العراقية أولاً، حيث يرتفع منسوب المشاحنات الطائفية، والاستقطاب المذهبي والعرقي، الذي يكرس الانقسام الداخلي، ويدفع إلى مزيدٍ من العنف الأعمى.
أما الدعوات الإعلامية التي أطلقت قبل أيام، مشددة على التهدئة ومحذرةً من تطورات الأحداث، فلا جدوى منها، لأن السياسة بالأفعال لا بالنيات.. وحتى النيات لا يبدو أنها صادقة، لان الدعوة إلى المؤتمر الوطني لا تزال قائمة.. فما الذي يمنع من عقده، ونحن بأمس الحاجة إلى خطوة كهذه؟!
لا يبدو أن الأزمة السورية متجهة إلى حل في القريب، بل هي مرشحة إلى مزيدٍ من التعقيد مع التعنت الأمريكي، والإصرار على توجيه ضربة عسكرية.
ما يعني أن العراق معرض للإصابة في أي وقت. إصابة ليس فقط من الخارج وعبر الحدود، بل ومن الداخل بفعل عدوى النزاع السوري الدامي.
خاصة وأن مجتمعنا فيه حواضن تطرف عديدة، قابلة للتفاعل مع الأحداث... فمن يتمنى تحركها؟!