المنبرالحر

تحالف الفساد وداعش ضد اطفال العراق / حكمت عبوش

أصدرت منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بيانا عن البؤس الفاحش الذي تعيشه نسبة عالية من اطفال العراق وقالت فيه ان ثلث اطفال العراق البالغ (4،7) مليون طفل يحتاجون الى مساعدات انسانية وان (3،6)مليون طفل (معرضون الى خطر الاصابة بالموت او التعرض الى اصابة خطيرة او عنف جنسي او الخطف او التجنيد في فصائل مسلحة) وبزيادة قدرها (1،3)مليون في ال(18)شهرا الماضية وان(3،5)مليون طفل غير قادرين على اكمال الدراسة وان(20في المائة، من المدارس قد أغلقت بسبب الصراع ومجموع حالات اختطاف الاطفال دون سن ال (18)عاما بلغت(1496)حالة خلال العامين والنصف الماضيين بمعدل(50)حالة اختطاف شهريا ويرغم الطفل على أثرها ،اما على الانضمام الى داعش او التعرض الى اعتداء جنسي كما ان هناك(575)الف طفل، اي ضعفي ما كان عام(1990)_يعمل في ورش الحدادة والسمكرة وغيرها .ان هذه الارقام والحقائق المؤلمة تؤكد ان الذين تم اختيارهم لعلاج مشاكل التربية والتعليم _مثل معظم المشاكل الوطنية لم يكن على اساس توفر الكفاءة والنزاهة بل جاء على اساس المحاصصة التي جلبت الفساد معها فعم التلكؤ والتحايل والتأخير في بناء المدارس وترميمها وتوزيع الملاكات وحرمان التلاميذ من التغذية الصحية والمدرسة القريبة من سكنهم والمكافآت المشجعة .وازداد عدد المتسربين من المدارس ولكن لصوص الفساد الذين شاركت القوى الوطنية والدينية المتنورة في ادانتهم وضرورة فضحهم .وخرجت التظاهرات الكبيرة للجماهير مطالبة بعزل هؤلاء واعادة الاموال المنهوبة إلى الشعب ولكن يبدو ان كلام ابو العلاء المعري يصح الآن رغم مرور اكثر من الف عام: أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي .وذلك لان هؤلاء الفاسدين حللوا لانفسهم سرقة المليارات من الدولارات المخصصة لبناء المدارس والمستشفيات والمسارح والسينمات والحدائق والمتنزهات الخاصة بالاطفال وكذلك سرقة أموال الدور والاحياء الحديثة التي خطط لبنائها بدلا من مئات الاحياء الهامشية التي يعيش فيها الفقراء وأطفالهم في بغداد ومعظم المحافظات والتهموا هذه المليارات.
وهنا نسأل عن تسرب الاطفال وعملهم ما سببه، أليست بطالة الاهل وانعدام ما يعتاشون عليه؟ هي سبب انغمار الاطفال في اعمال الكبار؟ ونسأل مجددا أليس التخطيط والعمل على احياء آلاف المعامل والمصانع في القطاعين العام والخاص والمشاريع الزراعية والسياحية وكل مفاصل المجتمع الاخر مطلوبا وضروريا لممارسة العاطلين من اولياء الامور اعمالهم وتحسين مستواهم المعيشي وبذلك يكفوا عن تكليف اطفالهم بالعمل.
وهناك سبب آخر هو دخول داعش الارهابي الى البلد وسيطرته على ثلث الاراضي العراقية ومدن وقصبات وقرى في الانبار ونينوى وديالى وصلاح الدين. ودخل قسم كبير منها دون قتال بل بـ(الهورنات) وسبب هذا الاحتلال الداعشي هجرة ونزوح الملايين من ابناء هذه المحافظات ومنهم ما يقارب الـ (10) في المائة، من اطفال العراق اي ما يقارب(1.5) مليون طفل. ان وحشية داعش في التعامل مع الاطفال تمثلت في حشو اذهانهم البريئة بالأفكار التكفيرية المعادية للبشر بكل انتماءاتهم وزجهم في اعمال ارهابية تحطم مجتمعهم وتقتل مواطنيهم وهذا ما فعلوه مع آلاف الاطفال المختطفين في نينوى وسنجار مع الاخوة الايزيديين وفي الانبار وديالى والحويجة وكل الاراضي التي احتلتها داعش .ان المحاصصة والفساد هما اللذان افقدا الملايين من اطفال العراق فرص التعليم والعلاج الصحي والرعاية الاسرية والتربية السليمة والاهتمام الجدي بتكوين شخصياتهم المتوازنة لبناء العراق القوي المتحضر وهما اللذان جعلا دفاعاتنا واهنة وضعيفة فاخترقها داعش بسهولة ومارس افعاله الشنيعة مع الاهالي واطفالهم بشكل خاص.