المنبرالحر

يوميات القبطان (6) / د. محمود القبطان

قد تفرض بعض الاحداث على أيّ متتبع للسياسة في العراق أن ينساق الى جدال أو لنسميه نقاش قد يفرض الانحياز ولو من باب "العناد" بسبب فرض رؤية اخرى غير قابلة للنقاش.
صيفاً، قضيت خمسة اسابيع "عجاف" في هنغاريا بسبب وضع صحي طارئ لكنني كنت التقي اقرب صديقين ونلتقي في نفس المكان بسبب تواجد واي فاي اولاً ولوجود تبريد ثانياً ولان المقهى أنيقة ثالثاً. احدى النقاشات، ويقال الخلاف لا يفسد في الود قضية ، اعتقد هذا شبه مستحيل لان فرض الرأي دون القبول بنقاشه يجعل الطرف الآخر أيضاً متعنت برأيه، ولما لا؟ في احدى النقاشات عن الوضع في الزمن الاشتراكي وعما هو موجود الان. مقدماً قال صديقي العزيز ربما قد تزعل! قلت ولماذا أزعل؟لانني أعلم كانت هناك أخطاء جسام ادت الى سقوط النظام واولها الحريات والبرقراطية العفنة وقد لا تكون من توجيهات قيادة الحزب الحاكم وانما اجتهادات البعض ولكن صاحبي يقول انه تعرض لبعض المضايقات وقتها ، قلت أنا تعرضت للطرد خلال 48 ساعة وأنا وهو يعلم لماذا ومن حرّكَ الموضوع لكنني مازلت أقول إن ما وفره النظام الاشتراكي للشعب من سكن وعمل ومجانية التعليم في كل مراحل الدراسة إبتداءً من الروضة انتهاءً الى نيل الدكتوراه ، الحليب للاطفال الصغار بثمن قد لا يستحق ذكره لانه ربما يعادل الان درهم عراقي أو أقل بتسعيرة اليوم تحديداً ومجانية الرعاية الصحية بكل مسمياتها، هذا لا يعني كانت وفرة من الحريات العامة وهذا شكّلً معظلة كبيرة وسبب في سقوط كل المعسكر الاشتراكي حيث عملت المخابرات المركزية وصوت امريكا وصوت اوروبا على هذه الخطوط وكانت ردة 1956 والتي تُسمى الان ثورة ،كل فريق ينطلق من رؤيته للحدث، لكن عندما خرجت كل الاسلحة من سطح السفارة الامريكية لتقلي بحمم رصاصها على المتظاهرين لابل حتى قتل الذين استسلموا وضربوا بالرصاص في ظهورهم وهم رافعين الاعلام البيضاء، ذكرها برًتس يانوش احد قياديي الحزب في كتابه 100 عام على ولادة الراحل كادار يانوش سكرتير حزب العمال الاشتراكي المجري وقتها.وفي موضوع آخر قال صديقي من بقى لتلك الاحزاب كلهم من الرعيل الاول وقد شاخت هذه الاحزاب، قلت ربما هذا القول ينطبق بعد انهيار المنظومة الاشتراكية لكن الان الشباب وعى على "زمانه" وبدوأوا ينظمون الى تلك الاحزاب مُجدداً، وخذ كل اوروبا الشرقية لا بل الحزب الشيوعي العراقي برزت فئة واعية من الشباب وانظمت الى منظماته والحزب ويشكلون الان رافداً مهماً في حياة الحزب ، فهل شاخ الحزب الشيوعي العراقي؟ لم اتوصل الى نتيجة مع صديقي لانه اعتبرني متحيزاً للنظام السابق في المجر وهذا صحيح لكنني واقعي واعترف باسباب سقوط النظام الاشتراكي هناك وربما كانت هناك صحوة لباقي الاحزاب الشيوعية والاشتراكية الحقيقة بعد ذلك الانهيار المدوي لتصحيح كثير من المسارات وهذا لا يعني ان يتنكر العالم لما قدمته تلك الانظمة للدول النامية وبالمجان حيث خرّجت عشرات الألوف من الكوارد العلمية في كافة المجالات، وحتى صديقي كان في مركز مرموق وقتها وان اعترته بعض المنغصات.قلت له عندما اردت ان اوجه دعوة لزميلتي لزيارة العراق بعد تخرجي، حيث كان الشعار التفوق العلمي والعودة للوطن، الشرطة المجرية استدعتها بسبب طلبها الجواز وقالوا لها انهم سوف يبدلوك ببقرة!! فقال لهم يبدو ان البقرة مهمة جداً عندهم والامر يستحق ذلك، لكن في النهاية لم يمنحوها الجواز، فهل كان الحزب الحاكم يفرض مثل هذا النمط من التفكير المتخلف على الشرطة أم انه تصرف خاص لاصلة له بأية توجيهات ولا بالفكر الاشتراكي؟ توادعنا على أن تلتقي في صيف أخر وربما قبل ذلك.
بغداد، احترق من أجلها ،قلت لاحد الذين يضعون انفهم في كل شاردة وواردة لماذا اذهب للعراق، قلت انني احترق من اجل العراق وبغداد لانها إلهام ليّ وسوف اشترك مع باقي المدنيين في تظاهراتهم من أجل إصلاح حقيقي لادارة الدولة التي ابتلت بالفساد والفاسدين...كما راقبت الكثير من الظواهر المُرّة في بغداد والبصرة وكتبت عنها لكن الواقع الخدمي وقذارة الشوارع واحتلات الارصفة من قبل الباعة أو اصحاب المحلات حيث توضع سياراتهم على كل الارصفة فلم يبقى للسابلة غير السير على طريق السيارات المحفوف بالمخاطر.أما الكبيلات الكهربائية المقطوعة والاعمدة الكهربائية المقطوعة بحيث بقت منها حوالي 40 سم فوق الارض وخطورتها لم تلفت انتباه أمانة بغداد وأمينتها ولا عضو محافظة بغداد عن الكرادة ،لكن أمام مجمعه ليس هناك أي تعدي على أرصفته.ظهر المسؤولون من قيادة عمليات بغداد والامانه والمحافظة في تظاهرة اعلامية لازاحة التجاوزات على الارصفة وغيرها لكن هذه الحملة لم تتعدى اليوم الواحد ورجعت "حليمة لعادتها القديمة ورجعت التجاوزات واحتلال الارصفة ودون مبالات من القوات الامنية.قبل حوالي العام أُعلن عن فتح الممر من تحت الجسر المعلق المغلق منذ الاحتلال في 2003 وبدأوا اعلامياً لهذا الامر ولكن مازال الممر مُغلق الى ما شاءت قيادة عمليات بغداد مع إن الازحام في تلك المنطقة شديد جداً.رجعت الشرطة الاتحادية بنشر افرادها على ضفاف دجلة من الرصافة بعد أن كانوا قد إنسحبوا مع العلم إن الافراد في وضع مؤلم حيث الكابينات التي يجلسون فيها في حالة يُرثى لها . وقد قرأت مرة إن أمينة بغداد وفي سفرة نهرية للكشف عن وضع ضفاف دجلة – الرصافة والامر بتنظيف المنطقة لما لها من عواقب وخيمة بيئياً وجدت إن الرحلة لم تكن أكثر من "نزهة" ربما للتعرف على مشروع التاكسي النهري الذي لم ولن يرى النور وبقت القناني بكل انواعها الزجاجية والبلاسيكية وبالالاف مرمية على الضفاف الحزينة لدجلة" الخير"، الناس ترمي النفايات والجنود يشاركوهم في ذلك، الوعي المجتمعي البيئي يتدنى من سيء إلى أسوأ.مررت باحدى المناطق في بغدادي ورأيت عدد من السيارات الحكومية والاهلية أكثر من خمسين مصفوفة بطريقة عرقلت السير وبعض سيارات الشرطة المنصوب عليها الرشاش الاحادي وكأن الحرب على داعش من هنا سوف تنطلق ،سألت أحد المارة عما حصل، قال (أكو فاتحة ما أدري إلمن، بس لو فقير هم چان جتي هاي السيارات وركابها للفاتحة؟) ورأيت الخيمة المنصوبة الى أكثر من 3 أرباع الشارع وأغلق الشارع الذي هو أصلاً مُغلق والامر سوف يستمر الى 3 أيام ،قال احد المارة ايضاً دون أن يعرف احد من سكان الشارع من هو المتوفي، وكل سيارات السكان لا تدخل ومن لم يُخرج سيارته وقت نصب الخيمة لن يستطيع اخراجها إلا بعد انتهاء مراسيم الفاتحة...الكرادة مُغلقة من كل شوارعها تقريباً ولكن بعضها مغلق من الجانبين بعد الاحداث الدامية فيها...رسميا الامبير للمولدات 6000 دينار لكن الدفع لاصحاب المولدات 20000 دينار "لاغير"ومن يعترض يتعرض للقطع أو ،مع، الفصل العشائري، ومعظم اصحاب المولدات لبسوا الملابس السوداء بمناسبة محرم الحرام....رأيت لوحة كتب عليها:ممر الى جبار أبو الشربت ،ا لى كراج لوقوف السيارات، حاولت أن أمشي أكثر أوقفني احد اصحاب التاكسيات ويبدو انه ليس من أهل المنطقة ،مثلي، يسأل عن دجاج فارس وهل الشارع مفتوح فقلت لا أظن ذلك لكن هذا الشارع ربما يؤدي بالغرض فسألت شرطياً جالس في بداية الطريق فتبين الراكب يريد معرفة مكان قناة فضائية، وآخر يسأل عن الاورزدي، وثالث يسأل عن شارع مغلق أم لا... الان في بغداد اصبحت محلات الاكل، جبار ابو الشربت، كباب نينوى، موز وجوز عناوين اكثر من بريدية مع إن البريد والرسائل ربما اختفوا لان لا حاجة لهم ولم أر ساعي البريد منذ 13 عام.
تذمر لا حدود له في الشارع العراقي من الاوضاع الامنية والخدمية والخوف من تكرار المحاصصة، وهذا وارد جداً، ولان المتحكمين بالقرار السياسي لا يستطيعون نزع ثوب الطائفية والقومية من ادمغتهم لان في ذلك نهايتهم الحتمية وإن لبسوا ثوب الاصلاح كذباً ولذلك سوف لا يغيّرون من قانون الانتخابات ولا المفوضية للانتخابات لان ذلك ضمان لبقاءهم حيث فصّلوا هذين الامرين حسب مصالحهم الضيقة وما تدر عليهم من أموال السحت الحرام وتحويل" المقسوم" الى بنوك الامارات وسويسرا، كما فضحتهم الصحف الامريكية اخيراً.لكن بوادر الامل موجودة حيث يقول احد ركاب الكوستر أن الناس وعت وبدأت ترفض الفاسدين وتعرفهم وكتلهم واحزابهم، لكن الخوف من الفئات الغير واعية الريفية حيث تُستغل ابشع إستغلال من قبل "بعض" المعممين كثير من السياسيين باستغلال الدين تبريراً لبقائهم وزرع الرعب بين الفقراء من " العلمانيين" ولذلك بدأوا بمؤتمرات العشائر ،ومحاولة توحيد صفوف التحالف الوطني لبقاءه اكبر الكتل في محاولة يائسة لقيادتهم الدولة التي "فرهدوها" وافقروها الى حد إن إحتياطي البنك المركزي وصل الى النصف عما كان عليه قبل وصول المالكي الى رئاسة الوزراء والذي يحاول جاهداً الوصول الى سدة الحكم لمرة ثالثة لكن كل تقوعات المراقبين تفيد باستحالة رجوعه الى ادارة الدولة بسبب انه مرفوض من قبل اكثرمن جهة.
على الحراك المدني ان يستمر في تظاهراته الاسبوعية والتي تشكل ضغطاً كبيراً على من يدير الدولة ويفرض الحلول والتي بدأت ولو بشكل متلكأ لكن الحراك المدني فرض نفسه كقوة مؤثرة على الساحة العراقية وحرّكَ الشارع أراد سياسيو الصدفة أم لا وعليه أن يختار القوى التي تريد التغيير الحقيقي وأن يكون متحداً حتى لا تتشتت الاصوات وتكون النتائج في غير صالحه مستقبلاً.