المنبرالحر

متى سيتفكك الاتحاد الاوربي / جلال رومي

أفكار وحدة اوربا قديمة جدا منذ زمن الإمبراطورية الرومانية وهناك محاولة نابليون في القرن التاسع عشر وهتلر في القرن العشرين لوحدة اوربا بالقوة .وهناك المحاولة السلمية لوحدة اوربا من قبل المفكر السلمي والكاتب المرموق فكتور هوجو 1851 لم تحظى بفرصة جادة للتطبيق.
بعد الحرب العالمية الثانية كانت محاولات جاده لهذه الوحدة لكي تستفاد منها دول اوربا الغربية لتطوير اقتصادياتها وبالفعل نجحت بعض هذه الدول في 1957 من عقد اتفاقية سميت باتفاقية روما لانشاء سوق اوربية مشتركة ويمكن اعتبارها نواة التكتل الاقتصادي الحالي والدول الموقعة في روما هي (بلجيكا, فرنسا,ايطاليا,لوكسمبورغ, هولنداوالمانيا الغربية) واستمرت الجهود لتوسيع هذا التجمع وتطويره وهذا ما حدث بالفعل وبالتدريج وبسنين متباعدة ففي 1992 تم توقيع معاهدة ماستريخت في هولندا والتي تضم بمقتضاها تجميع مختلف الهيئات الاوربية ضمن اطار واحد هو الاتحاد الأوربي الذي اصبح التسمية الرسمية للاتحاد وأصبحت بروكسل مقرا دائما للامانة والمفوضية الاوربية ومدينة سترازيورغ الفرنسية مقرا للبرلمان ولكن بالقرن 21 انظمت مجموعة كبيره من دول اوربا الشرقية الى الاتحاد عام 2004 فاصبحت جمعية دولية تضم28دولة اوربية حيث كانت اخر دولة تنظم لها كرواتيا في صيف 2013 وبهذا اصبح العدد الكلي لسكان هذا التجمع نصف مليار نسمة تقريبا وهذا التجمع عبارة عن نظام شبة اتحاد فدرالي عملته اليورو استعملت في 19 دولة من هذه الدولة حيث اسبدلتها عوضا عن عملتها الوطنية.
الأسس التي استند عليها تأسيس الاتحاد
1.وحدة جغرافية
2.تاريخ وثقافة مشتركة
3.اقتصاديات السوق هي السائدة
4.الديانة السائدة هي المسيحية
5.دول ذات قوانين ديمقراطية
6.المستوى الاقتصادي متقارب وهي دول صناعية متطورة
اما الشروط الواجب توفرها عند انضمام أي دولة للاتحاد فهي
1.تمتعها بمؤسسات مستقلة تضمن الديمقراطية ودولة القانون وتحترم حقوق الانسان وحقوق الاقليات
2.وجود نظام اقتصادي فعال يعتمد على اقتصاد السوق
3.الدولة المترشحة تقوم بتعديل تشريعاتها وقوانينها بما يتناسب مع القوانين الاوربية المتبناة.

اذا رجعنا الى الأسس التي استند تأسيس الاتحاد نرى ان النقاط الثلاث الأولى تنطبق على جميع دول الاتحاد وحتى النقطة الرابعة ما يخص الديانة الا ان التغيرات السائدة في دول العالم نتيجة الصراعات والحروب وخصوصا في دول الشرق الأوسط الإسلامية بدأت ملامح التغير واضحة حيث استمرار سيل المهاجرين من مناطق الحروب المدمرة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا فالغالبية من المهاجرين هم مسلمون ونسبة كبيره منهم يحملون مفاهيم العداء للأديان الأخرى نتيجة الظروف التي عاشوها إضافة الى الدعم الكبير للاتجاهات المتطرفة من قبل منظمات ودول إسلامية، والجدير بالذكر ان التركيبة السكانية بدأت تتغير لصالح المسلمين في البلدان الاوربية بسبب الخصوبة العالية عند المسلمين وانخفاضها الى الصفر عند الشعوب الاوربية وهذا ما زاد من مخاوف الاوربيين وخصوصا كانت توقعاتهم بان الجيل الثاني من المهاجرين سوف يندمجون يذوبون في المجتمع الأوربي وتنتهي عقدة الديانات وخصوصا الاوربيين اصبح لهم الدين مجرد مناسبات جميلة يحتفلون بها جزء من تراثهم ليس الا .لكن المهاجرين المسلمين وبتأثير من دول ومنظمات متطرفة استغلوا القوانين الديمقراطية لهذه الدول من اجل تغييرهذه المفاهيم والعمل لتغيير ديموغرافية هذه البلدان بشكل تدريجي وهذا ليس افتراض فهناك خطط ومفاهيم تنفذ ولا نستغرب في احدى المناسبات وقبل سقوط نظامه تحدث القذافي وبشكل واضح وقال (نحن لا نحتاج ان نحارب الدول الغربية بالسلاح فبعد خمسين سنه سنصبح نحن المسلمين الأغلبية وسيصبح مركز القرار بأيدينا فنغير ديمغرافية هذه البلدان).فحصلوا على مساعدات هذه الدول لبناء مساجدهم ومدارسهم الدينية وحصلوا على دعم كبير وسخي وتشجيع من السعودية وقطر وحتى تركيا حالمين بدول إسلامية في اوربا وكان تحركهم جاد فجلبوا الائمه من بلدانهم وشجعوا نسائهم على زيادة الانجاب وفرضوا على هذه الدول توفير المواد الغذائية الذي يسمونها الحلال حتى فرضوا ان يوفر طعام خاص لاطفالهم في رياض الأطفال والمدارس وبالتالي زرع الفرقة المذهبية عند الأطفال من خلال ذلك
إضافة الى وجود المدارس الإسلامية المنتشرة في انحاء اوربا ناهيك تشجيع النساء المسلمات الاكثار من الانجاب حيث يفضل الكثير من المسلمين بقاء نسائهم خارج سوق العمل والانجاب المستمر وخصوصا هناك مساعدات سخية للأطفال من قبل الدولة وهذه الظواهر اثارت كثير من التطرف من قبل الأحزاب الاوربية حيث برز دور اليمين المتطرف المعادي للأجانب وبرز بشكل جلي الفكر القومي المتطرف وخصوصا في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا قبل تركها الوحدة الاوربية وهناك من قال يحدق باوربا خطر الارهاب وهي مصيبة حقيقية وأحزاب طالبت بغلق الحدود وتعلن ان نهج التعددية الثقافية قد فشل فشلا دمويا وان اوربا ستخسر بهذه المغامرة يعني قبول المهاجرين وحتى أصوات من خارج اوربا مثل مرشح الرئاسة الامريكية المعادي الى الأجانب رونالد ترامب قال(ان تدفق اللاجئين الى اوربا بشكل واسع سيؤدي الى تفكك الاتحاد الأوربي وقد يغير وجه اوربا بشكل كامل) وقد زاد الوضع تعقيدا عدم التزام بعض من هذه الدول بالقرارات حيث بلدان (فيشبفراوسكي بالبولونية.)وهي بولندا, التشيك, سلوفاكيا, وهنغارية لم تتراجع خلال لقائها بميركيل في وارشوا عن عدم قبولها لحصتها من اللاجئين ورفضت طلب بروكسل بشان ذلك وهذا شق كبير داخل الاتحاد حتى هناك رفض من بعض الدول لتوسيع صلاحيات بروكسل. بعض دول الاتحاد بنت الاسيجة على حدودها لمنع المهاجرين من دخول بلدانهم حتى قسم من هذه الدول تعاملت مع المهاجرين بشكل لا انساني بشكل رفضته بروكسل بشده وانتقدت الدول التي لا تتعامل مع اللاجئين بشكل انساني ولم يلق ذلك الا الرفض من هذه الدول دول بالاتحاد فرفضت بشكل قاطع قبول المهاجرين المسلمين وتحججت بانها تريد ان تحافظ على هويتها المسيحية وغير مستعده لبناء مساجد وما الى ذلك من متطلبات للمهاجرين. وبالتأكيد ان ما يجري ببلدان المهاجرين من صراعات طائفيه سينعكس حتما في بلدان المهجر وهذا امر برز وسيبرز بشكل اقوى في المستقبل.
اما بخصوص النقطة الخامسة دول ذات قوانين ديمقراطية فباعتقادي من الصعب مقارنة الدمقراطية في الدول الاسكندنافية برومانيا او بلغاريا التي حكمت من أحزاب شمولية لمدة نصف قرن فهذه الدول تحتاج لجيل جديد وباقتصاد قوي يمكن خلق المفاهيم الدمقراطية الموجودة في بلدان اوربا الغربية.
اما بخصوص النقطة السادسة وهي الاهم أي المستوى الاقتصادي المتقارب نسج من الخيال وخصوصا بعد ان ضمت دول اوربا الشرقية المحسوبة على المعسكر الاشتراكي المنحل ذات المستوى المعاشي المنخفض جدا بضغوط أمريكية ودول غربية أخرى بالرغم من عدم توفر شروط الانضمام لغرض ابعادها بشكل كامل عن النفوذ الروسي فاقتصاد هذه الدول زراعي صناعي ودول ذات دخل ضعيف جدا حتى اذا قورنت ببعض الدول النامية فمثلا الدخل الفردي في بلغاريا بحدود 5116 دولار في حين لوكسمبورغ 80679 دولار يعني 16 مرة اكثر من الدخل الفردي في بلغاريا حتى اذا اردنا ان نوضح بان سعر البضائع والخدمات في بلغاريا منخفضة فيبقى الفارق بالمستوى المعاشي بين البلدين شاسع وهناك دول اخرى مقاربه للاقتصاد بلغاريا .دول الاتحاد عجزت عن مساعدة اليونان العضو العتيق في السوق الاوربية لحل ازمته الاقتصادية مما اضطر اليونان التهديد بترك الاتحاد وبالتالي التجئ الى دول خارج الاتحاد للمساعدة لحل ازمته مما اضطره لأخذ القروض الكبيرة من الصين فكيف يحل الاتحاد المشاكل الاقتصادية لدول ذات اقتصاديات ضعيفة مثل بلغاريا ورومانيا دول الاتحاد لم تقدم أي شيء لتطوير اقتصاديات هذه الدول بالعكس بصراحة الدول الصناعية الغربية مع أمريكا عملت بشكل خبيث ومخادع لاستغلال دول اوربا الشرقية فبدلا من مساعدتها وتطوير اقصادياتها جعلتها دول مستهلكة للمنتجات الغربية والأمريكية وبالتالي اضعفت الصناعة والزراعة في هذه البلدان واشترت المصانع والمزارع بأسعار بخسة وحولتها مصانع تابعة لهذه الدول وبالتالي ارتفعت نسبة البطالة وانتشار ظاهرة الإدمان على المخدرات فظاهرة العيش بالشوارع وحصول اعداد كبيرة على طعامهم من حاويات القمامة ومع زيادة الفوارق الطبقية بشكل مهول في هذه البلدان اصبح ممنوع على فئة كبيرة من المجتمع الدخول في مراكز التسوق الراقية واذا نظرنا بشكل جلي الى ضعف امكانيات هذه الدول فهي غير قادرة لتوفير الضمانات الاجتماعية بشكل معقول مما اضطر عشرات الألوف التوجه الى الدول الغربية من اجل الحصول على العيش من خلال التسول (شحاذين ) في شوارع اوربا الغربية حيث امتلأت الشوارع بهؤلاء المساكين يقضون لياليهم في الأماكن العامة والفارغة متحملين البر والثلج من اجل العيش وهذه مشكلة كبيرة مازالت مستمرة بدون حل كل ذلك أدى الى تراجع ثقة بعض الشعوب الاوربية في هذا التكتل وخصوصا برز كثير الفساد في مؤسسات الاتحاد وترهلها وبالطبع كثير من الأحزاب وخصوصا الأحزاب الراغبة بإخراج بلدانها من الاتحاد تبين بان المبالغ التي تدفع لبروكسل ممكن ان تستفاد منها شعوبها وأخيرا انسحاب بريطانيا من الاتحاد ضرب الاتحاد في العصب وخصوصا اقتصاد بريطانيا هو الأقوى في دول الاتحاد هذه ما اعتقده جزء من العوامل التي ستفكك الاتحاد الأوربي ويزيد هذا الاحتمال صعود اليمين الأوربي المتطرف الذين يأملون في تفكيك الاتحاد الأوربي بشكل يحول القارة العجوز الى مجموعة أمم تتعاون فيما بينها.