المنبرالحر

حكومات العالم المستقلة مطالبة بالتصويت لحظر أسلحة اليورانيوم في الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة / د. كاظم المقدادي*

منظمات المجتمع المدني العراقية مدعوة لدعم الـ ICBUW
تناقش الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحادية والسبعين، المنعقدة حالياً في نيويورك قراراً يحظر تصنيع ونقل وخزن وإستخدام أسلحة اليورانيوم، وهو القرار الذي تقدم به التحالف الدولي لحظر أسلحة اليورانيوم (ICBUW)،ممثلآ لأكثر من 160 منظمة، من 33 دولة في أرجاء العالم، وناقشته وأقرته اللجنة الأولى للجمعية العامة (لجنة نزع السلاح والأمن الدولي)،ومطروح على الجمعية العامة مجدداً،ليحضى بإجماعها، ليصبح قراراً ملزماً.علماً بان أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل، بإعتبارها الدول الأكثر إمتلاكاً وإستخداماً لهذه الأسلحة،تسعى لأفشاله، لا بالتصوت ضده فقط، وأيضاً بالضغط على دول أخرى لتمتنع عن التصويت..
أحداث هامة قبيل المناقشة الجديدة
رغم الحملة المضادة،غير المتكافئة،يواصل العلماء الشرفاء الكشف عن المزيد من الحقائق والبراهين التي تدين هذه الأسلحة الفتاكة إرتباطاً بتفاقم محنة ضحاياها.وإقتراناً بذلك، يزداد عدد الدول المؤيدة لحظرها في كل دورة للجمعية العامة.وقد صوتت في عام 2014 الى جانبه 150 دولة.
ونأمل ان يزداد هذا العدد في الدورة الحالية.فقد دعا البرلمان الأوربي حكومات الأتحاد الأوربي، مجدداً، الى التصويت الى جانب القرار المطروح على الجمعية العامة.وأثمر تحرك ICBUW على الدول ذات المواقف السلبية،ان تشجع بعضها لتغيير موقفه،إدراكاً منه لضرورة مساعدة الدول المتضررة من إستخدام أسلحة اليورانيوم، وبالخصوص تحديد ومعالجة المواقع والمواد الملوثة باليورانيوم المستنفد.
وتزامن ذلك مع كشف ICBUW ومنظمة السلام الهولندية PAX النقاب عن وثائق جديدة وهامة تفند مزاعم البنتاغون بشأن الأهداف التي تم قصفها جواً بذخائر اليورانيوم، بالإستناد لسجلات الضربات الجوية الأمريكية على العراق أثناء حرب 2003،التي كانت قد سلمت لأرشيف الأمن القومي التابع لجامعة جورج واشنطن،تلبية لطلبه في عام 2013 ،وفق قانون حرية المعلومات، ولم تُعلن، ولم يتم تقييمها أو تحليلها بشكل مستقل. فقدمها الأرشيف إلى باحثين متخصصين في PAX وICBUW لتحليلها.وبين التحليل بأن غالبية الطلعات الجوية التي نفذتها أطقم الطائرات من طراز A-10 خلال الفترة 20/3 الى 15/4/2003 قصفت أهدافاً واسعة،لم تكن مدرعة،وإنما كانت أهدافاً سهلة، كالسيارات35.7 %، والمباني 16.5 %، وشاحنات الجنود 14.2 %، ومدافع 14.4 %.أما الأهداف المدرعة فكانت 33.2% فقط،أي الثلث من مجموع 1116هدفاً مدرجة.وبينت سجلات 783 طلعة جوية فقط تضمنها لمواقع محددة، بينما لم تفرج الولايات المتحدة عن البيانات المماثلة لحرب 1991، التي شهدت إطلاق أكثر من 700 ألف قذيفة يورانيوم .وتشير التقديرات الى إطلاق أكثر من 300 ألف قذيفة مماثلة في حرب 2003، معظمها من قبل الولايات المتحدة.
وتشير التقارير إلى إطلاق حوالي 227 ألف قذيفة من ما يسمى بـ "المزيج القتالي" - وهو مزيج يتكون معظمه من الذخيرة المحرقة الخارقة للمدرعات (API)، التي تحتوي على اليورانيوم المنضب، والذخيرة المحرقة الشديدة الانفجار (HEI) - خلال الطلعات الجوية. وبحسب المعدل التقديري الخاص بالقيادة المركزية وهو 4 قطع ذخيرة محرقة خارقة للمدرعات مقابل كل قطعة ذخيرة محرقة شديدة الانفجار، خلص الباحثون إلى احتمال إطلاق 181,606 قذيفة من اليورانيوم المنضب.
وكشفت السجلات الأمريكية ان عدد المواقع الملوثة باليورانيوم في العراق هو 3 أضعاف (أكثر من 1000موقعاً) ، وليس 350 موقعاً- كما أعلنت وزارة البيئة العراقية لـ PAX بأنها على دراية بها وتحاول تطهيرها. والبيانات المكشوفة لا تزال تمثل فقط 45 % من كمية ذخيرة اليورانيوم المستنفد، التي إعترفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بإطلاقها في حرب 2003.
هذه المعلومات وغيرها تضمنها بيان ICBUW أمام إجتماع الجمعية العامة، الذي ألقاه منسقه الدولي دوغ وير نيابة عنه وعن: PAX، ومركز الحقوق الدستورية، والحملة من أجل تنظيف البيئة العراقية من مخلفات الحرب، ولجنة البيئة والصحة التابعة لرابطة الأكاديميين العراقيين في المملكة المتحدة، وجمعية قدامى المحاربين العراقيين ضد الحرب وجمعية الغوث الشعبي النرويجية ومنظمة حرية المرأة في العراق. ولفت الأنتباه الى محنة العراق،بوصفه الدولة الأكثر والأشد تضرراً في العالم من إستخدام أسلحة اليورانيوم، مذكراً بان حكومته طالبت في عام 2014 المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ممثلة بوكالاتها المتخصصة ذات العلاقة، مساعدتها في معالجة إرث التلوث الذي خلفته النزاعات في عامي 1991 و2003, منوهة الى ان إستمرار حالة إنعدام الأمن في العراق عرضته لتحديات هائلة، وأعاقت الجهد الوطني لمعالجة مخلفات الحروب الماضية، بما فيها اليورانيوم المنضب. وما يزال إرث إستخدام أسلحة اليورانيوم يشكل مصدر قلق بالغ للعراقيين في المناطق المتضررة منه.
الى هذا،نشرت شبكة الأنباء الإنسانية (IRIN) في 6/10 الجاري معلومات وافية عن السجلات التي كشف النقاب عنها والمواقع المستهدفة والتحليل الذي أجراه خبراءICBUW و PAX.
تجاهل صارخ للقيود المفروضة على إستخدام ذخائر اليورانيوم
أشار تقرير IRIN الى مراجعة أجرتها القوات الجوية الأمريكية في عام 1975 أوصت بعزل أسلحة اليورانيوم المنضب لاستخدامها فقط ضد الدبابات وناقلات الجند المدرعة أو الأهداف الصعبة الأخرى فقط. ومنعت نشر اليورانيوم المنضب لاستهداف الأفراد إلا إذا لم تكن هناك أسلحة مناسبة أخرى متاحة.
تبين سجلات إطلاق النار التي تم الكشف عنها بوضوح بأن القيود المقترحة في المراجعة المذكورة قد تم تجاهلها إلى حد كبير.مثلما لم يتم الألتزام بتوجيهات مهمة أخرى. فاليورانيوم المنضب يخضع لرقابة مشددة داخل الولايات المتحدة، وهناك حدود للكميات التي يمكن تخزينها في مواقع عسكرية، ويتم اتباع بروتوكولات التطهير في ميادين الرماية. وفي عام 1991، عندما اندلع حريق في قاعدة عسكرية أمريكية في الكويت وتسببت ذخائر اليورانيوم المنضب في تلويث المنطقة، دفعت الحكومة الأمريكية نفقات التطهير وأزالت 11,000 متر مكعب من التربة وشحنتها إلى الولايات المتحدة لتخزينها. وخوفاً من أن تظل قذائف اليورانيوم المنضب خطيرة لسنوات عديدة، فأن مثل هذه الخطوات - ومثيلاتها التي اتخذت في البلقان في أعقاب الصراعات هناك - كان لابد أن تنفذ أيضاً في العراق- يرى خبراء.وكي يتم ذلك، لابد ان تزود سلطات البلد المتضرر أولاً وقبل كل شيء بخرائط الأماكن التي قصفت بها..
مطالب ملحة مشروعة
المعلومات الجديدة تدحض بما لا يقبل الشك ما روج وسوغ من قبل مستخدمي أسلحة اليورانيوم كسلاح يستخدم فقط ضد الدروع،وإنما تم إستخدامه عشوائياً في النزاعات الأخيرة، ووضع المدنيين في خطر متزايد، الى جانب عدم وجود التزامات رسمية بعد الصراع على مستخدمي هذه الأسلحة لصالح الدول المتضررة،ورفضهم المتواصل لتحمل مسؤوليتهم عن إستخدامها والمشاركة في جهود التعامل مع التلوث الناجم عنها، في ظل كلفة وتعقيد معالجة اليورانيوم المنضب التي تتحمل عبئها حالياً الدول الضحية..
لقد تضمن بيان ICBUW أمام الدورة 71 للجمعية العامة،والعديد من الموضوعات ذات الصلة، التي نشرها،وقبل ذلك نشرت العديد من وسائل الأعلام الأجنبية والعربية والعراقية حقائق ووقائع موثقة، مدعومة بنتائج أبحاث ودراسات علمية، تؤكد خطورة ذخائر اليورانيوم المنضب على البيئة والصحة العامة، ومنها إنتشار التشوهات الخلقية والولادات الميتة والإسقاطات المتكررة والسرطانات وغيرها من الحالات المرضية غير القابلة للعلاج، إضافة الى "أعراض حرب الخليج"،التي أصابت مئات اَلاف البشر عقب إستخدام تلك الذخائر.ومات الآلاف من العسكريين والمدنيين نتيجة التعرض لإشعاعاتها..
ان استخدام ذخائر اليورانيوم المنضب ضد الأهداف غير المدرعة يتعارض مع القيود القانونية الأمريكية وكذلك الدولية.ويتعارض إستخدامها في النزاعات، وإنتشار إشعاعاتها غير المسيطر عليها، مع المعايير الدولية الأساسية للحماية من الإشعاع. وكل هذا يطرح تحديات كبيرة للمطالبة بضرورة حظر استخدامها.
في ضوء ما سببه إستخدام أسلحة اليورانيوم من كارثة رهيبة للبشر وللبيئة، حيثما إستخدم، اَن الأوان لتدرك جميع الحكومات خطورة هذه الأسلحة على البشرية ومستقبلها،ولتقف مع جميع المدافعين عن السلم والحريصين على حاضر ومستقبل شعوبهم،موقفاً مسؤولآ يمنع ان يكون لليورانيوم وللمواد المشعة الأخرى مكاناً في الأسلحة التقليدية وفي النزاعات المسلحة.والحل الدائم الوحيد للتهديد المرفوض الذي يخلقه استخدام هذه الأسلحة على صحة وحياة المدنيين الأبرياء، هو فرض حظر شامل عليها.
هذا المطلب الآني والملح تتطلع إليه شعوب العالم،في هذه الساعة،اَملة من كافة الحكومات التصويت الى جانب حظرها في الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ونتطلع ان تبادر منظمات المجتمع المدني العراقية المتواجدة في داخل العراق وخارجه بإرسال ولو سطرين شكر وتثمين لدور التحالف الدولي لحظر أسلحة اليورانيوم.فمثل هذا الدعم من شأنه ان يشجعه وكل المناهضين لهذه الأسلحة على مواصلة المعركة غير المتكافئة.مع الرجاء ان يتم ذلك حتى 30/10 الجاري لأن التصويت الأولي للجمعية العامة سيكون في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
ترسل رسالة التثمين والدعم للعنوان التالي:
Mr. Doug Weir
Coordinator International Coalition to Ban Depleted Weapons
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
*أكاديمي عراقي،مقيم في السويد