المنبرالحر

تبرعوا لوزارة التربية..! / علي فهد ياسين

في تبريرها لعدم وصول الكتب المدرسية الى الطلبة، اشتكت وزارة التربية من عدم توفر تخصيصات أجور النقل ضمن ميزانيتها، والقت مسؤولية ذلك على وزارة المالية، لتعود (كرة الاتهام) الى الدوران بين اطراف الحكومة كي تسقط المحاسبة عن الجميع
وزارة التربية اشارت الى ان مخازنها ومخازن المديريات التابعة لها في المحافظات، تحوي ملايين النسخ من الكتب المدرسية الكافية لجميع الطلبة، لو توفرت تكاليف النقل، وكأن الوزارة كلفت بهذه المهمة في هذا العام فقط، أو انها فوجئت بحجب التخصيصات الخاصة بالنقل بعد تخزين الكتب في مخازنها.!
لقد تزامنت هذه (المشكلة) مع قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية الغاء مناصب وكلاء رئيس الجمهورية الثلاث، وقد ترتب على هذا الالغاء صدور اوامر رئاسية الى وزارة المالية بتوفير اعتماد لإعادة مستحقاتهم المالية عن الفترة السابقة واستمرار توفيرها ضمن الموازنة المالية للعام القادم، وهي مبالغ تكفي وتزيد على ما تحتاجه وزارة التربية لنقل الكتب الى طلاب المدارس في عموم العراق، لكن اي من نواب الرئيس لم يبادر ولم يهتم بهذه المشكلة الخطيرة التي يتعرض لها التعليم في العراق، وهو سياق درجت عليه الرئاسات وباقي اذرع الدولة العراقية طوال السنوات الماضية، لان الجميع يعمل على تامين مصالحه الشخصية ومصالح حزبه وكتلته على حساب المصلحة العامة، وهذا احد اسباب الخراب في العراق
البرلمان العراقي هو الاخر لم يحرك ساكناً لمعالجة الامر الذي لا يحتمل التأجيل، فالعام الدراسي بدأ منذ اسابيع والطلاب واولياء الأمور في مشكلة حقيقية، والنسبة الغالبة منهم لا يستطيعون تحمل أسعار الكتب المدرسية في الاسواق، بعد ان تسربت من مخازن الوزارة الى المكتبات عن طريق مافيات الفساد، ومن دون ان تتخذ وزارة التربية ولا الحكومة اي اجراء قانوني لمحاسبة الضالعين في هذه الجريمة التي تتكرر في كل عام.
قد يعتقد البعض ان هذه المشكلة نتيجة الازمة المالية التي يمر بها العراق، وهو امر مردود عليه لأنها ازمة كل عام، وتصب في منافع اطراف معروفة في الوزارة وخارجها، تعيدها سنوياً الى الواجهة بحجج مختلفة، اضافة الى ان تكرارها يوضح بالملموس ان التعليم لا يشكل اهتماماً رئيسيا في برامج الحكومات المتعاقبة، خلافاً لكل حكومات العالم، وتأكيد ذلك يأتي من خلال ارتفاع نسب التسرب من المدارس، وعدم تحديث المناهج والنقص الكبير في الابنية المدرسية ومضاعفة اعداد الطلبة في الصف الدراسي وضعف كفاءة الادارات، وليس غريباً ان تدعو الوزارة الى حملة لجمع التبرعات (وتعتبرها تكافلاً اجتماعيا) كي توفر مبالغ النقل.!
اذا كان للخراب عناوين متعددة في العراق، فان ابرزها هو تردي التعليم، على الرغم من ان قواعد بناء المجتمعات تضعه في المقام الاول مع نزاهة وقوة القضاء في فرض القانون على الجميع، وهاتان القاعدتان مفقودتان في العراق منذ زمن طويل.