المنبرالحر

الإنتخابات الأمريكية .. الدروس والعبر / نجاح يوسف

عند منتصف هذه الليلة بتوقيت كاليفورنيا يكون قد أنتخب الشعب الأمريكي رئيسا جديدا له.. ولحد الساعة يبدو المرشح الأمريكي دونالد ترامب أقرب إلى الفوز بالدخول إلى البيت الأبيض من منافسته هيلاري كلينتون.. ولكن قبل أشهر كانت هيلاري متقدمة على ترامب باكثر من ثماني نقاط، ولكن الفضائح السياسية التي لاحقتها قد أفقدتها ثقة الناخبين الأمريكيين وحتى الكثير من الناخبين الديمقراطيين.. هذا جانب ، كما كان للدور التخريبي والتآمري الذي قامت به قيادة الحزب الديمقراطي ضد منافس هيلاري السيناتور ساندرز، حيث دعمت هيلاري كلينتون من خلال إرسال رسائل سرية إلى أعضاء بارزين في الحزب للحيلولة دون فوز ساندرز بتمثيل الحزب الديمقراطي بانتخابات الرئاسة الأمريكية، علما بأن ساندرز قد قاد حملة انتخابية كبيرة ومؤثرة وطرح برنامجا واقعيا وواضحا، بعكس كلينتون ، وانضم إلى معسكره جمع غفير من الشباب والعمال وذوي الدخل المحدود ، وكان برنامجه طموحا يستهدف النهوض بالإقتصاد الأمريكي وبرامج الصحة والتعليم والعسكرة وايجاد حلول لمشكلة اللجوء واللاجئين .. لهذه الأسباب مجتمعة كان إقبال مؤازري ساندرز ضعيفا للتصويت إلى كلينتون، بينما استطاع دونالد ترامب من خلال حملاته الإنتخابية والمناظرات بينه وبين هيلاري كلينتون أن يكشف الكثير من عيوب سياسة الرئيس أوباما وخاصة فيما يتعلق بغض الطرف عن القوى والدول التي تدعم داعش الإرهابية وخاصة السعودية وقطر وتركيا، كما كان يتهم هيلاري بأن دول الخليج تدعم ماديا حملتها الإنتخابية ، كما كان لكشف مراسلات هيلاري التي أرسلتها عبر البريد الألكتروني وقع كبير على الناخبين..
عموما، فإن كلا المرشحين هما مدوعمان من قبل المؤسسات المالية والشركات الكبرى الرأسمالية، أما برامجهما ودعاياتهما كانت فقط للدعاية الإنتخابية ، ولكن ما هو واضح ومختلف بين ترامب وهيلاري هو أن ترامب متطرف في طروحاته وخاصة فيما يتعلق باللاجئين والأقليات الأثنية التي تعيش في الولايات المتحدة ، كما إنه ضد الحركة النقابية وحقوق المرأة والمثليين ، ولا يخفي عداءه إلى ايران والدول الراعية للإرهاب.. أما في مجال الإقتصاد فقد رفع شعار إعادة الإعتبار للصناعة الأمريكية منتقدا وبشدة ميل ميزان التجارة لصالح الصين .. وفيما يتعلق بهيلاري فإن سياستها سوف لن تختلف كثيرا عن سياسة أوباما كونها خرجت من تحت بطانته، حيث سوف لن تتغير السياسة الخارجية الأمريكية في حال فازت المرشحة هيلاري كلنتون..
أما جاليتنا العربية والعراقية بشكل خاص فقد توزعت بين هيلاري وترامب تبعا لنظرة كل مجموعة إلى ما طرحه المرشحان من آراء حول المنطقة العربية والعراق ، وقد كانت طروحات ترامب (المعادية) للمسلمين قد أرعبت الجالية العربية المسلمة وتسلل هذا الخوف أيضا إلى الدول العربية وخاصة دول الخليج ، ويكون من الطبيعي أن يمنح أبناء الجاليات المسلمة أصواتهم إلى هيلاري كلينتون.
فإذا تحققت توقعات المحللين السياسيين بفوز دونالد ترامب فستتحمل قياد الحزب الديمقراطي الأمريكي وهيلاري بالذات مسؤولية تلك الخسارة الغير متوقعة، حيث وضعت قيادة الحزب ثقتها العمياء بالمرشحة هيلاري كلينتون ودعمتها بكل الأساليب ولأنها تمثل كذلك النظام الرأسمالي الأمريكي وسياسته.. ولم تنفع فيه نداءات السيناتور ساندرز والحزب الشيوعي الأمريكي لأتباعهم بالتصويت لها ، حيث باعتقادي لم ينصت الألوف منهم لهذه النداءات.. عدا عن هذا فإن الكثيرين من أعضاء الحزب الجمهوري لم يصوت إلى ترامب، لكن الكثير من الناخبين الجدد قد شاركوا في هذه الإنتخابات ، حيث فاز ترامب في بعض الولايات التي تعتبر مغلقة للديمقراطيين مثل ميشكن، وبنسلفانيا ..
وإذا حمل الناخبون دونالد ترامب الى البيت الأبيض، فما الذي سيحدث في الخارطة السياسية الأمريكية؟ الجواب هنا سيكون عند تولي ترامب مسؤولياته وتوضيح سياسته، عندها ستتوضح الصورة بالنسبة للأمريكيين وللعالم .. ويمكن القول أيضا إنه سيتمخض عن هذه الإنتخابات في حالة فوز ترامب، ان يظهر استقطاب سياسي يساري ليبرالي جديد ينطلق من تأثير السيناتور ساندرز، وخطايا الحزب الديمقراطي، وتطرف سياسة الحزب الجمهوري وممثله دونالد ترامب.