المنبرالحر

ترامب .... والشرق الأوسط الجديد! / صادق محمد عبد الكريم الدبش

لا شك بان اغلب المتتبعين للشأن السياسي العالمي بشكل عام والامريكي بشكل خاص.. كانوا يأملون فوز مرشح الحزب الديمقراطي الأمريكي وليس مرشح الجمهوريين!
وأنا لا أدري ولا أفهم أو أتفهم هذا الموقف الغريب!
فما الذي قدمه الديمقراطيون خلال سنوات حكمهم الذي دام ثماني سنوات ؟... غير الدمار والحروب والخروقات للقانون الدولي ، ولدمار سوريا وليبيا واليمن !... وتسليم الحكم في العراق لقوى الأسلام السياسي الراديكالي المعادي للديمقراطية، ودعمهم الغير محدود لهذا النظام السلفي والمتخلف ، والذي أوصل العراق الى ما وصل أليه من تخلف وفساد وحروب وصراعات طائفية وعرقية ومصادرة الحقوق والحريات ، وأسلمة الدولة والمجتمع والدفع بهيمنة الميليشيات الطائفية والعنصرية على القرار من خلال الأحزاب الطائفية التي أستولت على دست الحكم، وبتدخل مباشر من الدول الأقليمية الطائفية وعلى رأسها جمهورية أيران الأسلامية وتركيا والسعودية ، والتي أدت الى ما أدت اليه بتهديد تماسك النسيج الأجتماعي والسلم الأهلي ، وسيادة التفرق والتمزق والتناحر عرقيا وطائفيا ومناطقيا! !
والمنطقة تقف على كف عفريت وأيلة للتمزق والتفتت والدمار !... وهذا لا يصب في مصلحة النظام العالمي وأستقراره ، ولا ينسجم مع مبادئ وأعراف القانون الدولي ومع السلم العالمي والديمقراطية وحقوق الأنسان والتعايش بين الدول وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
ولا شك بأن قوى الظلام والتخلف والعنصرية ومنها قوى الدين السياسي هي أحدى المعاول التي تحفر وتهدم في صرح عملية بناء قيم ومبادئ التعايش بين مختلف الثقافات والأديان والفلسفات ومن دون غلو ولا أقصاء ، والذي أكدته كل المواثيق والأعراف وتبنتها الأمم المتحدة والهيئات والمؤسسات الدولية..
وقوى الأسلام السياسي في العراق التي فشلت فشلا ذريعا في أدارة الدولة وبنائها ، وفق معايير الحقوق والحريات والديمقراطية التي دعت اليها المواثيق الدولية ، ومخالفتها الصريحة والواضحة لهذه المبادئ، والتي أدت الى أفقار الشعب وسلب كرامته وأنتهاكها لأبسط الحقوق بما فيه حقه في الحياة والعيش الكريم ، وتمكين داعش جراء سياستهم الحمقاء ، من أحتلال ما يزيد على 40% من مساحة العراق منذ سنتين ونصف ، وما أدى الى ألاف الضحايا وملايين المشردين والمغيبين من مكونات شعبنا المختلفة ، وبخاصة من مكونات الأيزيديين والشبك والمسيحيين وغيرهم وما اصابهم جراء ما أرتكبه داعش وأخواته من قتل واغتصاب وأنتهاك للحرمات ، ناهيك عما أرتكبته ومازالت ترتكبه الميليشيات الطائفية والعنصرية السائبة والمنفلتة ، والتي في غالبيتها منضوية بما أصبح يعرف ( الحشد الشعبي).
كل هذا تتحمله الأدارة الأمريكية وحلفاؤها نتيجة لأحتلالهم العراق عام 2003 م ، كونهما دول أحتلال ملزمة وحسب القوانين والأعراف الدوليين ، بأعادة الأمن والأستقرار والسلام ، وأعادة بناء الدولة ومؤسساتها وعلى أساس الديمقراطية وحقوق الأنسان ، في دولة ديمقراطية تساوي بين مواطنيها وعلى أساس المواطنة ، ومن دون ألغاء وأقصاء وتهميش ، وضمان العيش الكريم لهذا الشعب.
وخلال السنوات الثلاث عشرة الماضية والولايات المتحدة وحلفائها شاهد على ما حل بالعراق من خراب ودمار وموت وتشريد ، ومن دون ان تحرك ساكنا ، و بذلك قد تخلت عن واجباتها وفق القوانين والأعراف الدوليين في حماية شعبنا ومساعدته بأعادة بناء دولته على اسس من العدل والمساوات والديبمقراطية!
ناهيك عن غض الطرف عن الفساد الذي ينخر في كل مفاصل الدولة العراقية ، وبشهادة منظمات دولية رصينة وعريقة ، بأعتبار العراق من أفسد دول العالم !... ومن تسبب في ذلك هم من قاد الدولة العراقية خلال الفترة الماضية وما زالت عليه لليوم ، والولايات المتحدة هي من سيدهم على شعبنا ومكنهم من الأستيلاء على مقاليد السلطة ، ومن دون أن تطالهم يد العدالة والقانون !!.. فهؤلاء قد سرقوا الدولة ، وأستباحوا كرامة الشعب ... وخاضوا بدماء أبنائه جهارا نهارا، دون حسيب ولا رقيب ولا رادع ؟!... والولايات المتحدة بموقفها هذا تعتبر شريك بكل الذي جرى ويجري في العراق ، وهي شاهد زور .. ومكرسة لنهج وسياسة النظام الحاكم في العراق.
فهل سنشهد بداية نهاية للعصر الذهبي لحكم وهيمنة قوى الأسلام السياسي خلال السنوات الأربع القادمة ؟
وهل ستعي وتدرك الولايات المتحدة المخاطر الناجمة عن سياساتها الكارثية في الشرق الأوسط بشكل عام والعراق بشكل خاص ؟
وهل ستسعى حثيثا الولايات المتحدة والغرب ، بالعمل الفوري والجاد لأيقاف حمامات الدم في العراق وسوريا وليبيا واليمن وفلسطين والصومال ، من خلال أتباع سياسة أحلال السلام والتعايش والأحترام لسيادة الدول وأستقلالها ، ولأطفاء سعير الحروب المستعرة منذ سنوات ، والبحث عن سبل التعاون المشترك بين روسيا والولايات المتحدة والغرب ، لحل النزاعات في مناطق عديدة من العالم ومنها شرقنا الأوسطي ، بدل سياسة الحرب الباردة والتسلح وتعميق الخلافات والنزاعات التي تهدد وجود البشرية على كرتنا الأرضية!
أنا متفائل وبشكل كبير بأن هناك حزمة ضوء تلوح في الأفق القريب !... ببداية نهاية الكثير من الأزمات التي تعيشها المنطقة والعالم.
وهي بداية لنهاية للظلام والتخلف وسلفية نظام الأسلام السياسي ، بأعتباره المعوق والممانع لقيام دولة ديمقراطية علمانية أتحادية في عراق موحد ومستقل ، المخلص الحقيقي لكل الأزمات التي عشناها ونعيشها منذ سنوات ، نتيجة لحكم وتحكم هذه القوى المتخلفة والساعية لتكريس فلسفة ونهج وثقافة الدولة الدينية ، والتي ماتت منذ قرون ، ويريدون أحيائها وفرضها على شعوبنا بمنطق القوة والعفترة والأرهاب والدكتاتورية ... وهذا محال.