المنبرالحر

تحرير نينوى .. نهاية داعش ام نهاية مهمتها.؟؟ / علي عرمش شوكت

كما هو معروف ان لكل ظاهرة اسباب، فان داعش قد اختلف ظهورها عن اسباب وجود منظمة "القاعدة" مع انهما تنتسبان الى اصل واحد، كونهما جمع لمرتزقة تحت عنوان ديني للقتال بالانابة بغية تحقيق اهداف ليست لها علاقة بما يعلنونه من افكار سلفية دينية طائفية طواها تقدم البشرية المتصاعد نحو التواصل المباشر بين ما يعتمل في الارض وما يوجد في ارجاء الكون.
داعش تكونت بقرار اتخذته جهات دولية، وما يؤكد على ذلك ظهور الرئيس الامريكي الجديد " دلاند ترامب " كشاهد من اهلها حينما قال { ان الذي جلب داعش الى العراق وسورية وليبيا هي هيلري كلنتون}. واذا ما كان يعني شيئاً فيعني حكومة الحزب الديمقراطي الامريكي. والشواهد الاخرى تؤكد ايضاً بأن هذه التكوينة الارهابية قد تم فرزها من بين فلول القاعدة الارهابي وبقايا البعث الصدامي، هذا وناهيك عن فتح التسرب اليها من مختلف البلدان غربية وشرقية، يضاف الى كل ذلك تنوع انماط شراستها وبربريتها، بأختلاف عن ما سبقها من تكوينات اجرامية.
كانت ولادة هذا المخلوق الارهابي الهجين، قد تزامنت عاجلة اقتضتها عجالة تصاعد اسعار النفط، التي من شأنها ان تقوي نهوض البلدان المنتجة له، وبه تسيّد شعوبهاعلى مقدراتهم. الامر الذي ينشئ متاريس اقتصادية وسياسية وسيادية ليست قابلة للهدم والتقسيم بيسر، حيث وصف هذا الزخم الاقتصادي بمثابة رياح " خماسينية " معاكسة لما خطط لـ " شرق اوسط جديد " الذي عماده التجزئة والتقسيم لبلدان هذا الشرق، وفي مقدمتها عراقنا الذي امسى اضعف حلقة في هذا الاقليم، مع انه اغناها !. جاءت داعش الى العراق لغاية انهاكه، على اثر تجفيف رحيقه المالي والبنيوي من قبل الساسة الحكام الفاسدين حيث تم " ارخاء حبال الخيمة " كما يقال، لتسقط باول هبة من رياح داعشية سوداء.
داعش استخدمت مختلف الاسلحة. وكانت نارية مباشرة واخرى غير مباشرة، تمثلت بانماط تخريبية اشد مضاضة من نار جهنم. وكذلك فكر ظلامي مقيت، والانكى من ذلك، بعثرة اجتماعية طائفية وبائية، زائداً تهجير واسع باعث على اسكات ايقاع الحياة. فضلاً عن تهديم البنى التحتية، وتطبيق سياسة الارض المحروقة، وهذا هو المخلّف الذي يطبع داعش به اثاره عندما يسحل اذياله مولياً ادباره مطروداً. اما خرافة الخلافة الاسلامية فهي عنوان" سميك " من شأنه ان يخفي ادوات الموت والتخريب، وابعاد النظر عن المهمة الداعشية الاساسية الا وهي انهاك العراق تحديداً ومن ثم تشطيره.
ان الانتصارات على النفايات الداعشية التي يسطرها الجيش العراقي ومن معه من متطوعين بواسل، قد رُفعت القبعات لتجلياتها الباهر، وكان ذلك في العديد من البلدان التي ترى بداعش خطراً عليها. ومن المفرقات الفاقعة، ان هذه البلدان ذاتها قد سارعت في البداية لفتح الابواب لبعض مواطنيها في سبيل الالتحاق بفرق الموت الارهابية لغاية الحصول على سهم من الوليمة العراقية الدسمة. غير ان قياسية الانتصارات ودحر عصابات الدواعش وتأكيد هزيمتها المحتومة، سارعت ذات البلدان من جديد، ولكن هذه المرة بالاتجاه المعاكس اي ارسال مجاميع وفرق عسكرية بغية مقاتلة الارهابيين من اجل نيل قسط من شرف القضاء على ماسمي بداعش الذي يحققه العراقيون الشجعان. ببذل اسطوري من المال و البنين والتضحيات الجسيمة المختلفة.
من هذا نرى ان مهمة داعش كانت حصراً لانهاك العراق ودفعه للسقوط في هاوية التقسيم، وكان ذلك لم يتم الا من خلال حرق المال العراقي وقتل ابنائه تخريب بناه التحتية، وكل ما قامت به داعش لا يخرج عن هذا الفعل. وفي نهاية المطاف فان العصابات الارهابية لم تتمكن من تنفيذ مهمتها كما كان مقرراً لها. وان تحرير نينوى ليس نهاية لداعش وانما نهاية خاسرة لمهمتها القذرة في العراق، التي تكللت بالطرد الشنيع من ارض الرافدين المحروسة من شعبها وجيشها الباسل. بيد ان الصفحة العسكرية ليست هي المرتجى لمحو اثار الارهاب، انما استكمال ذلك بتحقيق تغيرات ايجابي في المنهج السياسي للحكم الحالي الفاسد الفاشل بامتياز، والبناء الاقتصادي السليم، وارساء العدالة الاجتماعية، وبناء الثقافية المدنية. في ظل دولة ديمقراطية مدنية.