المنبرالحر

معركة الموصل ليست مجرد معركة عسكرية / عادل كنيهر حافظ

الموصل ابنة نينوى التي تحنو على قرابة مليوني مواطن ، من مختلف القوميات والمذاهب والأديان ، لكن لهجتهم المصلاوية التي تقرب الى لغة السوريين الشماليين ، هي واحدة ، وتميزهم عند الحديث عن مواطنيهم من المحافظات الاخرى ، المدينة التي كان يسكنها مائة الف مواطن ، في زمن ملكها المشهور سنحاريب ، الذي بِنَى فيها القصور الفخمة وشيد المباني الكبيرة ، وطرز قلب المدينة بتماثيل الثيران المجنحة ...دارت الدوائر ليحتلها الأمريكان في نيسان ٢٠٠٣ وذلك بعد استسلام القوات العسكرية في المدينة ، وفي ١٤ نيسان ٢٠١٤دخلها الدواعش الاوباش الذين لا ينتمون لصنف البشر وعاثوا فيها تدميرا وتخريبا وقتلا مجانيا لأبنائها ، حتى باتت المدينة لا تشبه حالها ، والنَّاس فيها متلبكين لا يعرفون على من يصبون لعناتهم ، على المالكي وحاشيته ،على البرلمان وحزب البعث وإيران والخليج وتركيا وغيرهم ، وراعيهم المبجل أمريكا، حيث لكل من هؤلاء ليلاه الخاصة التي يغني عليها في مأساة احتلال الدواعش للموصل ، ولا يستطيع احد ان يتجرأ على تبرئة اي منهم ، واليوم يتزاحم ذات الفريق الذي سهل دخول كل زناة الليل على حجرة عروس وادي الرافدين ، الموصل الحدباء وأم الربيعين ، يتزاحمون ويحاول احدهم ان يبز الاخر ، (بجهاديته واصراره )على المضي لتحرير المدينة !!
يجد المرء نفسه امام مسرحية ، مثيرة للحزن وشخوصها متبرقعين بثياب القداسة والورع والتقوى ، ومشاهديها يتبركون بهم ، ويتوسمون فيهم خيرا وبركة ....في حال باتت كثير من مدن البلاد اطلاال ، وعشوائيات الصفيح تنمو في خواصرها كل يوم ، لتأوي جيوش المهمشين ، من الأرامل والأيتام ، الذين يرفدون المافيات بكل اشكالها ، بما تحتاجه من عناصر ،غصبها الفقر والحاجة لتعمل اي شيء من اجل ان تعيش عوائلهم فقط ، هذا الواقع المؤسسي هو نتاج سياسة ذات الفريق الذي سهل مهمة داعش في احتلال مدينة الموصل وتوغل ليحتل ثلث الاراضي العراقية ، لذلك معركة تحرير الموصل ليس لجبر خواطر ابناء الموصل ، وإنما لتحقيق غايات مختلفة لأطراف مختلفة ، امريكا تريد مواصلة مخططها و بيع السلاح والعتاد ولوازم عيش العساكر ، وتركيا تريد ضرب B.K.K وتحقيق اطماع قديمة في الموصل وحتى كركوك ، والقيادة الكردية العراقية تريد احتلال المناطق المتنازع عليها وضمها الى أراضي الإقليم ، وإيران تريد كسر شوكة العرب السنة ، وحكومة العبادي تريد رد اعتبار الدولة التي إهانتها جيوش داعش باحتلال المدن العراقية والعبث فيها ، وسوريا وروسيا وحزب الله يجدون في ضرب داعش في الموصل عونا لهم في مقاتلتهم لداعش وأخواته واخوانه في المنطقة ، وضرب لارادة امريكا ، وهكذا هو جوهر عملية تحرير الموصل ، رغم ان المظهر يختلف تماما ، حيث يرى المرء جيوشا تتناخى من كل حدب وصوب ، وتأخذ كل منها مهمة قتالية في هذه المعركة الوطنية الكبرى ، التي يتعالى دخانها الكثيف ، ليحجب الغايات والاهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الأطراف في هذه المعركة التاريخية .
والرجاء هو ان لا يكون الانتصار في معركة الموصل حجة او حافزا لتقسيم البلاد، وإنما دافع قوي تتمكن قوى الدولة من استثماره لإثبات وجودها وتتحفز لتطوير فعلها الوطني في تلبية مطالب المتظاهرين ومواصلة التغيير حتى القضاء على المحاصصة الطائفية ، ووضع العراق على سكة التقدم ....