المنبرالحر

محاصرة المالكي تكشف أزمة الحكم / مؤيد عبد الستار

لم يعد خافيا على أحد مدى الاستياء الشائع بين قطاعات واسعة من ابناء المحافظات في الوسط والجنوب من رجال الحكم ، رغم انهم يمثلون الطيف الديني والمذهبي الذي لا يفرقهم بل على العكس ، ربما كان العامل الحاسم الذي وحدهم في اختيار من اختاروا في الانتخابات السابقة والتي نأمل ان لا تتكرر في الانتخابات اللاحقة رغم مقدار ما يبعثه الواقع المتردي من تشاؤم .
كشفت الاحداث التي وقعت في اكثر من محافظة مثل كربلاء والناصرية وميسان والبصرة عن ازمة الحكم ، الاحداث التي حاصرت فيها الجماهير مقر اقامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي ، حتى انها افشلت مؤتمرا كان يروم عقده في ميسان ، واضطرته الى الهرب من البصرة هلعا لدرجة صرح فيها مستشاره انه كان مهددا بالتصفية الجسدية والسياسية .
مثل هذه الاحداث لا بد من الوقوف عندها والنظر فيها مليا ، فهي تشير اولا الى ان الكيل قد طفح بالمواطنين ، بغض النظر عما اذا كان هناك من دبر الامر او شجع على التظاهر او ساهم او خطط من اجل محاصرة المالكي لاي سبب كان ، فلو لم تكن هناك عوامل ذاتية ، واسـتـياء شـعـبي كبير، لما تمكن المواطنون العزل من الخروج في هذه المحافظات الجنوبية والنجاح في ايصال رسالتهم الى ثاني شخصية في سدة الرئاسة ، والذي يحمل لقب نائب رئيس الجمهورية ، وهو الذي كان لدورتين سابقتين رئيسا للوزراء .
ان هذه التظاهرات ، ليست موجهة للمالكي فقط ، وانما هي رسالة لجميع المسؤولين الذين اهملوا واجبهم الحقيقي في انجاز مهام الوظائف المكلفين بها ، بددوا الاموال واساءوا التصرف بمليارات الدولارات التي دخلت خزينة الدولة العراقية من موارد النفط ايام كان يباع البرميل الواحد منه بمائة دولار ، وشهد العراق في زمن الولايتين المالكيتين تسرب المليارات الى جيوب المقاولين اصحاب المشاريع الوهمية والمدارس الطينية والمستشفيات المهملة وغير ذلك من فساد لايجهله الصغار والكبار .
كما فشل حزب الدعوة من خلال رموزه واقطاب رجاله الذين تسلموا الحكم في تقديم صورة نزيهة للمسؤول الذي رسم الناس له صورة مستمدة من الثقافة الدينية والمذهبية التي يدعون انهم يمثلون امامها التقي علم النزاهة والزهد علي بن ابي طالب عليه السلام .
ومن تجليات الخلل في النزاهة ، عدم سماح اكبر حزب حاكم - الدعوة ضمن التحالف - من محاسبة المقصرين والسراق من اتباعه في الحكم ، وهم اسماء يشار لهم بالبنان من قبل الجماهير ، ويتهكمون عليهم ما ان يظهروا في موكب او برنامج تلفزيوني ، حتى انهم اخذوا يتجنبون الظهور في الاماكن العامة ، بدلا من ان يكونوا قريبين من المواطنين الذين انتخبوهم واعطوهم الثقة اكثر من مرة .
وهنا كانت خيبة المواطنين الذين تجرأوا على نائب رئيس الجمهورية بتظاهرات كادت تذهب به بددا كما قال مستشاره ، فلينتظر هو وغيره مصيرا اقسى ، لان اول الغيث قطر ، وان غدا لناظره قريب .