المنبرالحر

عمال النظافة ومخصصات الضيافة / علي فهد ياسين

يتواصل مسلسل اعفاء الموظفين الاجراء وعمال النظافة على وجه الخصوص في كافة مدن العراق، نتيجة انخفاض تخصيصات البلديات في الموازنة العامة لهذا العام والعام القادم، على الرغم من أهمية عملهم وعلاقته بالصحة العامة للمواطنين ونظافة المدن، ناهيك عن حاجتهم الماسة له كمصدر رزق اوحد لإعالة عوائلهم.
العدد الكلي للذين فقدوا وظائفهم والمهددين بفقدانها خلال الشهور القليلة القادمة يقدر بعشرات الالاف، وهم يعيلون عوائل يتجاوز عدد افرادها مئات الآلاف، تشكل شريحة متنامية من الفقراء الذين يعيشون دون مستوى خط الفقر، تربو نسبتها الى (30%) حسب احصاءات وزارة التخطيط، وهي في الحقيقة والمعطيات تتجاوز هذه النسبة بكثير
انخفاض اسعار النفط الذي تسبب بالعجز المالي الذي تعاني منه خزينة العراق، كان شاملاً لكل البلدان المصدرة للنفط دون استثناء، وتكييف موارد البلدان لتخفيف الصدمات الاقتصادية على الشعوب (وعلى الفقراء تحديداً) هو مسؤولية الحكومات، وهو احد اهم مؤشرات فحص (كفاءة) المسؤولين الشاغلين للمناصب ذات العلاقة، خاصة المستشارين واصحاب الدرجات الخاصة، المكتظة بهم وبمكاتبهم مؤسسات الدولة العراقية، أولئك المستنزفين للمال العام برواتبهم ومخصصاتهم ومخصصات طواقم مكاتبهم، من دون (مخرجات) عمل مؤثر وفعال في كل الازمات التي اغرقت العراقيين بالفوضى منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق.
لقد تضمنت الميزانية على الدوام، تخصيصات مالية كبيرة تحت عناوين تمويهية فضفاضة يتحكم بها المسؤولون الكبار دون ضوابط، يتم تسوية مبالغها لاحقاً بوصولات صرف متفق عليها لتبرئة الذمم، وهي في واقعها ابواب للتبذير والاختلاس والتحايل على القوانين، يوقعها طواقم الحواشي ويصادق عليها المدققون وتختم بتواقيع الكبار، لتأخذ طريقها للحفظ والنسيان.
لازال العراقيون يتناقلون تفاصيل المؤتمرات الصحفية والتصريحات النارية لأعضاء هيئة النزاهة النيابية حول الارقام الفلكية لما يسمى (صرفيات الضيافة) لمكاتب المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، وهي بمجموعها كافية لتغطية رواتب عمال النظافة في كافة بلديات المدن العراقية سنوياً وقد تزيد عليها، ناهيك عن ابواب الصرف الاخرى غير الضرورية التي لا علاقة لها بالأداء الوظيفي العام لهؤلاء المسؤولين، بالمقارنة مع اقرانهم في كل دول العالم على اختلاف قدراتها الاقتصادية وطبيعة انظمة الحكم فيها
السؤال الآن، أيهما أهم وأولى تخصيص المبالغ لرواتب عمال النظافة في البلديات، أم تخصيصها لضيافة مكاتب المسؤولين ؟!، وهل تأتي الاجابة عليه من قبل الحكومة بإعادة هؤلاء العمال الى وظائفهم، أم سيضاف الى آلاف الاسئلة التي تدور في اذهان الفقراء من دون اجابات شافية من نوابهم ومن الحكومات المتعاقبة في المنطقة الخضراء وفروعها في المحافظات ؟!.