المنبرالحر

بطالة .. وممنوع الاستقالة / علي فهد ياسين

لم يعد للعجب مكان في أخبار وسائل الاعلام عن الاحداث اليومية المتلاحقة في العراق، فقد اعتاد العراقيون والمراقبون على (فنتازيا) التناقضات في المشهد العام واليومي طوال الاربعة عشر عاماً الماضية، كنتيجة طبيعية لاعتماد الطائفية السياسية منهجاً في ادارة البلاد .
لقد تراجع (أمل) الشعب بمشروع وطني حقيقي لإعادة البناء أشواطاً الى الوراء، أمام مشاريع أحزاب السلطة في (بناء) متاريسها الضامنة للبقاء في مواقعها على حساب النفع العام، باعتماد اساليب الصراع السياسي البعيدة عن المفاهيم الوطنية الجامعة للعراقيين، والمؤججة للصراعات العرقية والاثنية والمذهبية التي مزقت النسيج الوطني، وأراقت دماء الابرياء وبددت الثروات، ووفرت للفاسدين المناخ المثالي لاختراق المؤسسات الحكومية وبناء هياكلهم الموازية المحمية بجدران صد (سياسية) أعلى من القانون !.
اعتمدت احزاب السلطة منهج الولاء لقائد الحزب شرطاً اساسياً في اختيار المسؤول لمنصب عام، بغض النظر عن توفر الكفاءة والاختصاص لإدارة المنصب، وقد تحول ذلك الى سياق عام تسبب في ابعاد الكفاءات العلمية والمهنية غير المنضوية تحت عباءاتها، وهو أحد أهم مسببات الخراب والفوضى التي عصفت بالمؤسسات الرسمية منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق.
من الطبيعي أن يتحول المسؤول في موقع اداري أكبر من استحقاقه الى (ختم وقلم) للتوقيع على أوامر ولي نعمته، فيكون عاطل عن العمل، لتفقد المؤسسة (رأسها) الاداري وتتحول الى (كيس نقود) في جيب (القائد)، وهذه هي القاعدة الاساس في نهب المال العام وفشل المؤسسات الحكومية في تنفيذ مهامها الحقيقية لخدمة المواطن، على الرغم من الميزانيات العملاقة خلال السنوات الماضية، قبل تراجع اسعار النفط والحرب على الارهاب.
حين يكبر السؤال عن اسباب ندرة (أو عدم) استقالة مسؤولين عراقيين من مناصبهم، على الرغم من تصدر العراق لجداول الفساد في بيانات مؤسسة الشفافية الدولية في ظاهرة عراقية بامتياز، تأتي الاجابة أن هؤلاء لا يمتلكون حرية الاستقالة، لأنهم محكومون بقرارات قادتهم الذين منحوهم المناصب وهم دون مستويات اشغالها، فالاستقالة ممنوعة الا بقرار من القائد (الملهم) ..!.
من هنا جاءت المقولة (الخضراء)، المسؤول العاطل عن العمل المفيد للعراقيين، ممنوع من الاستقالة !.