المنبرالحر

الحكومات المحلية واشكالية بناء البنى التحتية / خليل ابراهيم العبيدي

الزائر لاي دولة في العالم يشاهد اول ما يشاهد جهود البلديات والسلطات المحلية ابتداء من شارع المطار المؤدي الى المدن في هذه الدول حيث الابداع في هندسة الشارع وتوزيع او نثر الزهور على اشكال هندسية ايضا كأنك امام سجادة خضراء مزكرشة بالوان الورود ،ويشخص امام الناظر الذوق الرفيع في اختيار الالوان لتنسجم مع لون الارضية الخضراء ولون السماء الممتع للنظر ، وانك تشاهد على طول الطريق التوزيع المنظم للوحات الاعلان او الشاشات التي تشخص امامك بحجمها الكبير لتعرض لك منجزات البلدية او اعلانات الشركات التجارية والتي مع بعضها تتشكل امامك لوحة من ابداع البشر وسلامة عقل المهندس او الاداري في البلدية ،والملاحظ انك عندما تنتقل من دائرة بلدية الى دائرة ثانية تجد ان هذه الثانية قدمت الاحسن من الاولى وعندها تستنتج ان ثمة سباقا جارياً بين البلديات لتقديم المزيد من الانجازات ، وانت بذهولك الطويل يقطع عليك كل هذا التأمل صوت مواطن عراقي كان معك على متن الطائرة قائلا ، ماذا دهانا نحن العراقيين؟ لماذا لا نكون مثل هذا الشعب؟ ولماذا لا تكون بلدياتنا بهذا الاخلاص او بهذا المستوى من الخدمات المقدمة للزائر او المواطن المسكين ، وقبل ان ينتهي من جملته واذا بك امام مسطبة انيقة تسر المشاهد من شكلها الجميل او مواد صنعها عالية الجودة ، ولقد كنت انا احد العراقيين اللذين استبشروا خيرا بالتغيير الذي حصل بعد السقوط وكنت ايضا واحدا ممن دافع عن تشريع قانون المجالس المحلية ، وقد كان كل اعتقادي ان تولي ابناء كل محافظة زمام امور محافظتهم سوف يسرع في البناء وسوف يشمل هذا البناء ما لم يقم به الموظف المعين من خارج المحافظة لان اهل مكة كما يقول المثل ادرى بشعابها ، غير ان ما حصل نتيجة كل ما تقدم كان مفزعا بل وكان مقرفا لما حل بجميع المحافظات من تخلف وتأخر في كافة النواحي البلدية او القروية ، التربية او التعليم الزراعة او تخلف الصناعة ، تأخر وتداعي المرافق الصحية او الخدمية الاخرى الذي اجهز بدوره على المنجزات السابقة لهذه المحافظة او تلك ،وقد كان هذا التأخر قد اصاب العاصمة بغداد وانسحب على كل مرافقها الشاخصة سابقا واتى على مناطقها الخضراء وحل الخراب في كل اجزائها بما في ذلك شواطئ دجلة الحبيب ، واذا حاول اي منا ان يجد المبرر المقبول لكل هذا العبث البلدي يجد ان الانتخابات لم تك موفقة للإتيان بمن هو مخلص وكفوء لشغل الوظائف او ملء الملاك ولكل الدرجات الوظيفية ، هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى شاع الفساد المالي والاداري بين كل المعنيين او المتصدين للعمل الحكومي في المحافظات ، ابتداء من اكبر مسؤول وصولا الى الموظف الصغير حتى وصل الامر في بعض المحافظات الى تزوير الوثائق لعقارات او ممتلكات الدولة ، وكان نتيجة الانشغال بالمسائل الشخصية توسع وانتشار العشوائيات الامر الذي اتى على ابسط متطلبات الذوق العام او ابسط متطلبات المدن الحديثة ،فلا مداخل نظامية ولا جزرات وسطية ولا حدائق اصولية، بل انتشار للمزابل ومخلفات النشاط التجاري والصناعي ، وانعدام المجاري ، ولا يعقل ان يقبل اي مسؤول كل هذه الافرازات الا اذا كان بلا ذوق او تنقصه النخوة والوطنية ، واذا اراد اي منا الوصول الى الحل المناسب يجب ان تتبدل نوازع واليات الانتخاب والتعيين وان يعول على الغاء قانون انتخاب المجالس المحلية وان يعول مرحليا على تعيين محافظ كفوء يساعده مجلس بلدي من المتطوعين من الاكفاء وحملة التخصصات الهندسية والبلدية يتفرغون مقابل مكافآت مجزية وان ينسحب ذلك على مجالس الاقضية والنواحي ، وان تفعل قوانين اعادة المال العام الى الشعب باعتباره هو المالك الشرعي لها.