المنبرالحر

وثيقة الشرف.. وشبح الديمقراطية / ئاشتي

يحدوني الأمل كل صباح أن أرى أشعة الشمس وهي تعانق النخيل، أن ترسم على صفحات مياه دجلة صورة لشجرة ليمون حلو ناضج، يعبق أريجه على ضفتي النهر، ويمتد بعيدا على كل شبر من وطننا، لكي تتعطر به جدائل الصبايا. وللحقيقة أقول أنني لا افقد هذا الأمل ولا أستبعد ان يتحقق ذات يوم، وذلك لأنني منذ ألق الطفولة كنت أعشق شجرة الليمون الحلو، وأشتهي الليمون الحلو رغم عباءة الفقر التي تغطيني بكل سوادها. ويبدو أن الآمال تلتقي بعضها ببعض في النفس المحرومة منها، حيث ترافق أمل شجرة الليمون مع أمل الديمقراطية في عراقنا. لهذا ترانا نحن المولعين بالتفاؤل لا يمر ليل ولا نهار دون أن نأمل. فمنذ عشر من السنوات أصبح هاجس الديمقراطية يرافقنا في كل تفاصيل حياتنا، وقد أصبح هذا الهاجس شبحا يجول في زوايا العراق جميعها ( مع المعذرة للعم ماركس)، ولكنه شبح دون معالم محددة. وكل يوم يمر تتعزز فكرة هذا الشبح الجوال، حتى بدأنا نشعر باليأس يلف حباله حول رقبة آمالنا، ويتبخر من اشعة شمسنا فرحها الذي نرغب أن يحمل معه تباشير الديمقراطية، مثلما يحمل عبق الليمون.
يحدوني الأمل بتباشير الديمقراطية دون أن أغفل حقيقة طريقها غير السالكة، بل هي أكثر من معقدة ومتعرجة. ولكن من يدعي الحرص على حباتها في العراق عليه أن لا يتجاهل الحريصين عليها، مثلما حدث في "مؤتمر السلم المجتمعي" والذي تمخض عن وثيقة للشرف. ولا ندري كيف ينعقد مؤتمر مثل هذا تحضره الأحزاب العراقية، ويستثنى منه الحزب الشيوعي العراقي والتيار الديمقراطي، والجميع يعرف أن "أول من طرح فكرة المؤتمر الوطني على القوى السياسية هو الحزب الشيوعي العراقي في لقاء مع رئيس الجمهورية السيد طالباني. وفي حينه عبر الرئيس عن تقديره للمقترح، ودعا إلى لقاء وفد حزبنا بنائبيه يومها د. خضير الخزاعي وطارق الهاشمي. وقد ابدى النائبان دعمهما للفكرة." مثلما جاء في تصريح الرفيق سكرتير الحزب. وكيف يمكن لهذه القوى أن تستثني الشيوعيين العراقيين من مؤتمر كهذا وقد أشرت "الدور المتميز للشيوعيين في دعم العملية السياسية لبناء دولة العراق المدنية الديمقراطية الاتحادية". وهنا يبرز العديد من الاسئلة التي تتطلب الاجابة الصادقة، وأهم هذه الاسئلة: هل تعني الديمقراطية عزل الآخر وابعاده عن مجرى الاحداث الجارية؟ وهل تعني الديمقراطية تجاهل الدور الذي سوف يلعبه الشيوعيون والديمقراطيون من أجل أن يتحول شبحها إلى حقيقة تسير على قدميها في كل شوارع العراق؟ وهل تضع وثيقة الشرف الخطوات العملية لحل الاشكالات التي تواجه العملية السياسية؟
الاسئلة كثيرة والأمل في الحصول على إجابات عليها لا يتحقق إلا بتحويل شبح الديمقراطية إلى كائن يتنفس هموم العراقيين جميعا.