المنبرالحر

هل ان صواريخ التوماهوك تحدد مصير الرئيس الاسد ؟ / رفعت نافع الكناني

تصريح الرئيس الامريكي ترامب بعد ان امطر قاعدة الشعيرات الجوية في حمص ب 59 صاروخ توماهوك (مصلحة الامن القومي تقتضي منع استخدام الاسلحة الكيمياوية) والمتتبع لحادثة استخدام السلاح الكيمياوي ضد المدنيين في سوريا من قبل الجيش السوري لم تثبتها التحقيقات الدولية التي لم تبدأ بعد، ولم يكن هناك تحقيق دولي تشرف عليه الامم المتحدة او مجلس الامن الدولي. من ذلك يبرز السؤال التالي هل ان الرئيس ترامب استعجل بالضربة؟ ام ان لدية ادلة وقناعة مؤكدة باستخدامها من قبل نظام بشار الاسد وان لديه الحق بهذا الفعل باعتبار ان الولايات المتحدة زعيمة العالم وأقواها عسكريا واقتصاديا ام ان هناك اسباب ورسائل عديدة اراد ايصالها! ام ان ترامب استخدم القوة بناءا على الشبهات التي قادته بتوجيه هذه الضربة غير المتوقعة والمتسرعة.
تفاوتت ردود الافعال تجاه الضربة الامريكية او الترامبية، فروسيا الاتحادية الحليف القوي لنظام الاسد والممول الرئيسي لها بالسلاح دعت لانعقاد جلسة طارئة لمجلس الامن الدولي لبحث العدوان على الاراضي السورية وأعربت عن ان الضربة الامريكية اعتداء سافر على دولة مستقلة ذات سيادة وأنها تخالف القوانين الدولية. اضافة الى ان هناك اصوات من الجمهوريين والديمقراطيين تعارض استخدام القوة ضد سوريا وشن الحرب عليها وان توسيع الضربات لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة، وهناك عدد كبير من اعضاء الكونغرس لا يؤيدون دخول الحرب بصورة مباشرة لان الحرب السورية توصف بأنها حرب أهلية داخلية. اما غالبية الدول الاوربية وفي مقدمتها بريطانيا والدول الشرق الاوسطية والخليجية وإسرائيل والجماعات الارهابية والمعارضة بمختلف مسمياتها فقد أيدت وساندت هذه الضربة وطالبت بالمزيد منها في المستقبل واعتبرتها العلاج الناجع لتقويض نظام الاسد وأضعافه.
المراقبين في هذا الشأن وضعوا عدد من علامات الاستفهام والمؤشرات لقراءة الموقف من الضربة الصاروخية والرسائل التي تحملها ومنها ... هل سقط الرهان على مصداقية الرئيس ترامب في محاربة الارهاب وبدأ يقترب اكثر مع الفريق الذي يحسم خياره بسقوط الاسد ونظامه؟ ام ان الادارة الامريكية تبغي من هذه الضربة فرض ارادتها على الشعوب بالقوة والهيمنة؟ ام ان هذه الضربة اراد القائمون منها وضع العوارض في التأثير على سير العملية التفاوضية في جنيف وأحراج الروس وحلفائهم؟ ام ان الرئيس ترامب اراد تحذير الروس في سوريا وأيصال رسالة مفادها عدم القبول بفرضية ان سوريا من حصتهم ولهم اليد الطولى فيها؟ وكان رد موسكو واضحا حين وصفت الضربة الامريكية بأنها (نهج متهور) لا يخدم الوضع في منطقة الشرق الاوسط، وانها جاءت للتغطية على قتل المدنيين في الموصل.
الحرب في سوريا معقدة ومتشابكة ولا يمكن حلها ابدا بالحلول العسكرية وحدها ولا يمكن لعدد من صواريخ التوماهوك من اسقاط الرئيس الاسد والغاء نظامه بهذه السهولة ... اي ان هذه الصواريخ لها اهداف محددة لتخبر رئيس النظام بعدم الافراط باستخدام القوة ضد شعبه وبهذه الطريقة البشعة وان الروس والامريكان كانت لهم اتصالات قبل بدء الضربة وتوقيتها اي ان هناك توافق وتشاور .. وهناك شبه توافق بين شركاء الولايات المتحدة الاوربيين بان سقوط الاسد بهذه الطريقة وفي الوقت الحاضر سوف يؤدي لزلزال يفجر المنطقة برمتها وما ينتج عنه من تهديد للسلم والاستقرار في العالم اجمع وتهديد لمصالح الولايات المتحدة وأمنها القومي. ناهيك عن احتمال سيطرة التنظيمات الارهابية على الموقف وفرض أمر واقع كما حصل في بعض البلدان العربية وما عانته تلك المنطقة من ويلات وجرائم نتيجة الفكر التكفيري المتشدد والذي يخدم بعض مايسمى أمراء المنطقة . اذن مأزق ادارة ترامب في الوقت الحاضر هو التشدد وضبط المواقف الاخرى واتخاذ الخطوات الحاسمة في عمليات عسكرية في المستقبل، وهل يمكن لها من ايجاد حلول تنهي الازمة السورية بأقل الخسائر ؟