المنبرالحر

إستجوابات البرلمان، وباب (الفلتان) وبخت (مزبان) / حميد حرّان

45 مليون دولار فقط هي قيمة الكومشنات التي حصلت عليها ثلاثة أحزاب من المفوضية العليا النزيهة (كلش) والمستقلة، والتي لا غبار على حياديتها (وأنتم مامحلفيني).
هذا الرقم ذكرته نائبة، خلال إستجوابها للمفوضية في برلمان العراق الذي أتمنى أن لايستجوب أحد، فبرلماننا العظيم أصبحت إستجواباته للمشكوك بذمتهم من المسؤولين بمثابة شهادة نزاهة لهم، تُذهِب عنهم القلق الذي يلازمهم قبل دخول قبته، وهم يتحسبون ويترقبون ويخشون، لكنهم يرتبون أمورهم قبل إستجوابهم، ويعطون مما أعطاهم الله! فتلين عريكة المصوتين، ويضمنون أغلبية لصالحهم، ويدخلون هاشين باشين منفرجة أساريرهم، ويخرجون ببركة التصويت كيوم ولدتهم أمهاتهم، دون ذنب يُذكر.
كل من يستعيد شريط إستجوابات مجلسنا النيابي الموقر لأصحاب المعالي ومن هم بدرجتهم أو أقل منهم (بايه بايتين) في سلم المسؤولية، سيعرف إن تلك العمليه لاتعدو أوراق ضغط بقصد الإبتزاز، ورغم إنتشار الفساد في كل مفاصل السلطات الحالية ... لكن إختيار المستجوبين يخضع لطريقة (أشعب) بين الموائد، إذ يختار أوفرها طعاماً، وأكثرها دسماً، وأطيبها مذاقاً، وأخفها على البطن... وأخر تلك الأطباق الشهية كان طبق المفوضية.. الذي تقبلته بروح رياضية، وستخرج راضية مرضية، بشهادة براءة.. وثبات عدم الإساءة ..لأرض العراق وسماءه، بعد تصويت بالإيماءة .
قبل عصر المحاكم والرقابة المالية والسلطات التشريعية، كان في العراق عُرف يقربُ من القضاء في أحكامه، وهناك من يسمون (العوارف) ومفردها (عارفه) .. و(العارفه) يفصل بين المتخاصمين مستنداً لشيئين أولهما (البخت) وثانيهما (الفطنة)، (العارفه) لم يؤد القسم الدستوري على كتاب مقدس! ومع هذا لم يخن (بخته)، ولم يتقاض راتبا مقابل عمله، لكنه يؤديه على أتم وجه وقد ذاع صيت العديد من هؤلاء، ومنهم إبن الناصرية المرحوم (محسن آل نياز الزيرجاوي) وغيره .
ولكن (العوارف) لم يسلموا من أدعياء دخلوا على قضايا الفصل بالخصومات وهم (لا بخت ولا فطنه)، كما دخل برلمان العراق بمنطق المحاصصة المقيت، على برلمانات العالم المتميزة بحياديتها ومسؤوليتها تجاه كل الملفات التي تحال لها، ومن بين هؤلاء الأدعياء شخص يسمى (مزبان) عرف بعطب الذمة، وقبول الرشا، وقد كان محط إختيار اللصوص، حين يريدون الإفلات من تهمة.
يروى عن مزبان: إن أرملةً إتهمت لص إسمه (صبيح) بسرقة بقرتها، ومصدر عيش أيتامها الوحيد، وحين طلبت من المتهم أن يذهب إلى (إبن نياز)، رفض (صبيح) طلبها بحجة بُعد مسكن (العارفه) المشهور، مٌدعيا أنه (مطلوب) لبعض العشائر، وأختار مزبان حيث (لا تغريم ولا تجريم).
ذهبت المسكينة مُضطرة برفقة أحد محارمها، وقبل أن تفتح فمها أمام مزبان صاح بها (منعولة الوالدين ليش تاهمه صبيح؟ هو المسكين بيه حيل يجر حبل الهايشه) ... لاحظت المسكينة علبة السكائر (غازي) الذهبيه أمام (فلتة زمانه) فعرفت أن اللص هو من جلب تلك العلبة، فردت على مزبان ... (لا بسلامة باكيت الغازي! صبيح كلشي ما يبوك) .