المنبرالحر

وحدة اليسار العراقي ام وحدة القوى الديمقراطية المدنية ؟ / علي عرمش شوكت

سؤال ينبغي ان يبدأ بـ " لمن الاولوية " في هذا الظرف السياسي العراقي الملتبس. يبدو اثر حراك التغيير المدني الديمقراطي في هذه المهمة قد بات مشعاً في عتمة المشهد العراقي، كما يثار حول دوره المزيد من التساؤلات الملحة، سيما وان القوى اليسارية العراقية، والقوى المدنية الديمقراطية مبعثرة ولم يسجل لها في الماضي تماسكاً يشهد له، ووفقاً لذلك انصبت الجهود اليوم على اختيار عدة مسارات متوازية ، وكما يبدو متناغمة في الهدف الابعد، المتمثل ببناء الدولة المدنية الديمقراطية ، التي هي الاخرى غدت جاذبة لمريدين كثر متزايدين على الدوام، بل ولاحت اثارها حتى في خطاب اوساط كانت في المدى القريب من المكفّرين لمفهوم الدولة المدنية .
ومن دواعي التأمل الواثق ثمة تواصل بين اطراف قوى الدولة المدنية الديمقراطية. فتقارب الرؤى السياسية الذي افرزه الصراع بين قوى التغيير من جانب، وقوى المحاصصة الطائفية من جانب اخر، يلقي بضوئه الاخضر في فضاء الحراك لتوحيد الجهود، مما يمكن تلمس مواضع الخطوات التي لابد من اتباعها، بصرف النظر عن الاختلافات الفكرية التي قابلة للتأجيل مرحلياً ، سيما وان مقتضيات التغيير لصالح الشعب وانقاذ البلد من التفتيت والضياع، تدفع الى التمسك بالمشتركات وضرورة تلازمها كأهم منصات البناء للدولة المدنية المنشودة.
ومما لا يجوز اغفاله هو ضرورة وضوح هوية اي حزب او فصيل سياسي، سواء كان ذلك على صعيد قوى اليسار، ام في اطار القوى المدنية الديمقراطية عموماً ، حيث ان تلك الهوية المشار اليها لا يركن لها من خلال العناوين او رفع الشعارات فحسب. انما من خلال الفعل المتجلي بالمواقف وبالعمل الجاد المتماسك النافض لغبار الماضي جراء حالة التمترس خلف مفاهيم قد تعدتها مفاعيل تداعيات اختلال توازن القوى السياسية لغير صالح الديمقراطية. كما ان الايمان الحقيقي بالعدالة الاجتماعية من قبل هذا الحزب او ذلك الفصيل، يعتبر ختم التزكية الذي لابد منه.
يبقى السؤال الاكثر الحاحاً فارضاً نفسه { لمن الاولوية .. لوحدة قوى اليسار العراقي ام لوحدة القوى المدنية الديمقراطية؟؟} . لذا تنبغي الاجابة دون ادنى مواربة، الا وهي ان وحدة قوى اليسار لا يجوز التقليل من اهميتها، لما يمثله اليسار كحجر زاوية في اي بناء تحالفي للتغيير الديمقراطي. غير ان ضرورة عملية تلافي { الانفجار الكبير} في العراق وما تقتضيه عملية الاقدام على التغيير نحو الدولة المدنية، تكتسب وحدة قوى المدنية الديمقراطية اولوية السبق في هذا المنعطف السياسي الذي لا زال غبار محاربة اعداء العراق من داعش واخواتها، وغمامة الطائفية السياسية تضلل رؤى الكثير من الاوساط السياسية العراقية بخاصة الحاكمة منها.
وما يلزم العمل به في هذه المعضلة الملتهبة ، هو المضي في كافة المسارات للم شمل قوى التغيير الديمقراطي المدني، دون اغفال عامل الزمن، سيما وان موضوع الانتخابات امسى يستحوذ على جل اهتمامات جميع الاوساط السياسية العراقية وكذلك اغلب الدوائر الاقليمية والدولية ايضاً، لما امتلكه العراق من اهمية صعدت الى اعالي المستويات بعد ان حقق البلد اختراقاً في جهوده لمكافحة الارهاب، ولا يمكن تجاهل تطلع جماهير قوى التغيير التي تتطلع الارساء على بر، ومغادرة الترقب السلبي حيال ما تقوم به القوى الحاكمة الفاسدة من اعادة انتاج فشلها الذي ضيع البلد واذل اهله.