المنبرالحر

سقوط الموصل... عودة الموصل/ حميد حرّان

حالتان مختلفتان، كان السقوطُ مروعاً، شكل هزة عنيفة لنظام المحاصصة، رافقته أنهار دم آلاف من أبناء العراق، الذين ذهبوا ضحايا طرق إنتقام بربرية مارستها (دولة الخلافة)، قتل ونزوح وتعذيب همجي للأبرياء، سبي وفتح أسواق نخاسه وتحكم في مقدرات الناس بطرق وحشية، وفقا لقوانين وتعليمات ما أنزل الله بها من سلطان إمتد على 30% من مساحة العراق، تحولت بعدها حالة السقوط لكرة نار، تتقاذفها قوى السلطة المركزية والمحلية، وقيادة الإقليم وقادة العسكر، وكل منهم يرمي تبعة ماحدث على الآخر، إلى أن جادت علينا مراكز القرار ب(ملف) جديد وخطير و(دسم) أُضيف لما في أدراج الحكومة الحكيمة من ملفات تصلح للتلويح والإبتزاز، بين بعضهم والبعض الآخر أكثر من صلاحيتها للعقاب والتعزير ووضع الأمور في نصابها ...
وهنيئاً لمن مستهم نار الموصل وما بعدها بهذا الملف الذي أعاد لهم مافقدوه من أرواح أزهقت وكرامات أستبيحت وأموال هُدرت، وليس بعد هذا مما يُشفي الصدور.
اليوم نعيش صفحة أُخرى مختلفة هي إستعادة الأرض التي نتمنى أن تتم بأقرب وقت وبأقل مايمكن من التضحيات .. لقد شهدت أيام معارك التحرير بروز العديد من المواقف والشخصيات، بطولات فردية وجماعية، قيادات ميدان أبدت من البسالة والحكمة مايثلج الصدور، وتضامن شعبي واسع النطاق تجسد بالدعم اللا محدود للجيش والقوى الأمنية والحشد الشعبي من كافة قطاعات الشعب، حرص تبديه القوى المقاتلة على أرواح وممتلكات المدنيين وتوفير المستطاع للنازحين من الرعاية الإنسانية، ومن الطبيعي أن يدخل (إعلام الضغينة) العربي على الخط ويصرخ بالويل والثبور متبنيا لمباديء حقوق الإنسان التي( أُنتهكت) من قبل الجيش والحشد! لكن مجريات الأمور على الساحه قطعت الطريق على أبواقه الأجيرة، فقد جاءت هذه المعركة بما تأتِ به (الضارة النافعة) من حيث التضامن العراقي .. ونخشى أن تتلاقف نتائج حسمها تلك القوى التي تسببت بالمأساة المروعة حين تَدعي لنفسها إحراز النصر، فقد أعدوا عِدتهم وحركوا (مهاويلهم) (ومداحيهم) وهم ينتظرون ساعة الحسم ليُعلنوا أنهم من أنجز التحرير!.
دعا الشيخ (عفتان) أفراد قبيلته المتناثرة في عرض الصحراء وطولها للتجمع في مضافته، لينطلقوا منها لغزو قبيلة من غرمائهم الذين تبادلوا معهم الغزو طيلة سنوات، وقرر مرافقتهم هو وجميع أولاده الخمسة، كانت تلك الغزوة مختلفة عن سابقاتها بكثرة القتلى، فقد دارت فيها معركة أثناء دخولهم لمضارب القبيلة المستهدفة قُتِلَ خلالها عدد من رجال (عفتان) قبل جلب الغنائم، وفي طريق عودتهم لحقت بهم مجموعة من (الطًلابه) ودارت معركة أخرى خسر فيها الشيخ عدد آخر من رجاله، وصلت الأخبار قبل وصول الغزاة لمضاربهم، فهرعت النسوة لعرض الصحراء باكيات نادبات حظهن العاثر وكانت (حصه) زوج الشيخ من بين( المولولات الباكيات) وحين وقعت عيون الشيخ عليها لكز فرسه باتجاهها وهو يصيح بدون أدنى شعور بالحياء من عوائل ضحايا القبيله:
- (عَايِني خير يا (حصه) كفكفي الدمع بالريش، أنا وأولادج بخير ... غزينا والحرب گدامنا، واللي مات فيها غيرنا، وحين أطلبونا حنه قدام واللي مات فيها غيرنا، وإلنه من الغنيمه حصة 6 رجال غير المشيخه!).