المنبرالحر

أفضل أن افشل بشرف على أن أنجح بطريق الغش / منال حميد غانم

أحلى ما في طلب العلم اللذة في المشقة ذاتها وابغض ما في المرء هو أن يحاول أن يتقلد مناصب أو يحصل على شهادات علمية زيفا وبدون استحقاق او عن طريق خداع الآخرين بما يملك من قدرات علمية، وليس هناك أبلغ شاهد على ذلك ما يحصل الآن في العراق من فوضى على كل الصعد، ودمار اقتصادي ومالي وعلمي وحضاري، وكل هذا يعود إلى ثلة من الناس الذين تقلدوا مناصب لا يستحقونها، او حصلوا عليها بشهادات مزورة عبر ما لديهم من نفوذ حزبي، وكانت النتيجة كارثية وهي احتلال العراق المراكز الأولى في كل أمر غير مستساغ ومرغوب لشعوب تنشد الحضارة والتقدم، وفي كل المجالات وأولها التعليم الذي عانى ما عانى من تخبط وعدم وضوح الاستراتيجية المتبعة منذ السقوط وإلى الآن، وكانت النتيجة مأساوية وهي هبوط مستوى الجامعات العراقية بعد ما كانت قبلة للطلاب والطالبات العرب على الأقل، وجنوحها إلى التعليم الشكلي أكثر مما هو موضوعي أي (التعليم من أجل المعلومة) وليس من أجل الظفر بالشهادة فحسب. وكان هذا الأمر ملحوظا جدا وخاصة من قبل الأساتذة الذين عاشوا الفترتين معا وبشكل متواصل، حيث أكد الكثير منهم بأن الجامعات العراقية وخاصة في فترة الحصار كانت أكثر رصانة من الجامعات الآن برغم وجود ميزانية أوسع لها من حيث المقارنة.
ان مجرد التركيز على الشهادة كهدف وغاية مهما كانت الوسيلة هو مبرر قوي للغش وعدم وجود الواعز الأخلاقي والتربوي وحتى الديني لدى الطالب الذي يمارس الغش وكأنه أمر مفروغ منه وطبيعي لدرجة يتم التحدث عنه وعن آلية القيام به في العلن وبطريق الجد أحيانا وبطريق الفكاهة أحيانا مثل (عندما يتوقف العقل يبدأ النقل) وغيرها وهي مبرر قوي للغش بمختلف أساليبه سواء منها القديمة وهي القصاصات الورقية الصغيرة أو الحديثة وهي الإلكترونية التي يتم بث المعلومات من خلالها عبر سماعات الأذن الدقيقة جدا والتي لا ترى بسهولة، والتي ينظم العمل بها عبر مراكز متخصصة بهذا العمل تحوي كما من الخريجين الذين يتولون هذا الأمر وعلى مدار الامتحانات وبأماكن معروفة للسلطة قبل عامة الناس.
ان عدم وجود سلطة قوية قادرة على غلق تلك الأماكن مهما كان منصب من يقف وراءها هو السبب وراء المزيد من حالات الغش، وكذلك عدم وجود سلطة قوية قادرة على منع دخول هذا النوع من السلع إلى داخل البلد لا تعالج بشراء المزيد من أجهزة التشويش ونشرها بكل القاعات الامتحانية، وكذلك التساهل مع الطالب الذي يرتكب هذا الفعل ولو كان بامتحان يومي وليس مصيري أو نهائي هو سبب في تمادي الطالب على "الإبداع" في فنون الغش، وكذلك عدم التركيز على أهمية فكرة ان الشهادة وسيلة وليست غاية في حد ذاتها، هو سبب قوي في استمرار حالات الغش، وان اتباع مختلف الطرق للكشف عن حالات الغش مثل التفتيش الذي يهدر كرامة الانسان ويعامله على انه متهم ليس حلا، والأهم من كل هذا يجب على أي مؤسسة تعليمية أن تعلم بأن حالة غش واحدة هي جرس إنذار بفشل محتوم قادم.