المنبرالحر

وفاة صادق البلادي خسارة يصعب تعويضها / عبد الرزاق الصافي

لقد كان غياب الرفيق صادق البلادي المفاجىء يضاعف الشعور بالخسارة الفادحة لغيابه، ذلك انه بحيويته وطيبته وتعدد اهتماماته ونشاطه الدائب في مجالات متعددة يحتل مكانة مرموقة لدى كل من تعرف عليه وتابع نشاطاته الفكرية المتعددة.
تمتد معرفتي به، وعلاقة الرفقة والصداقة بيننا، مدة تزيد عن الأربعين عاماً.
وتبدأ هذه العلاقة في العام 1973 عند صدور جريدة "طريق الشعب" علنية، اذ بدأ متطوعاً بمد الجريدة بالمقالات التحليليةً والترجمات الغنية، التي يوقعها بإسم مستعار هو "حمدان يوسف"، الذي عرفت انه جمع فيه الثوري حمدان قرمط والشيوعي يوسف سلمان فهد، ليجسّد ترابط التراث الثوري العراقي بالثورية المعاصرة.
وأثارت وفاته العديد من الرفاق الذين عملوا معه، وتعرفوا على نشاطاته واهتماماته المتنوعة، للكتابة عنه وعن الخسارة بوفاته. غير إني لم أجد أحداً تطرق الى التضحية الكبيرة التي أقدم عليها يوم التحق وتفرغ للعمل في الجريدة. ذلك انه ضحى بالراتب المجزي الذي كان يحصل عليه من عمله خارج الجريدة، ليقبل العمل في الجريدة براتب يقل عن ذلك كثيراً. وهي تضحية كبيرة، فضلاً عن انه أقدم على ذلك واستمر في العمل يوم اشتد الارهاب على العاملين في الجريدة من محررين وإداريين وطبّاعين وموزعين وغيرهم. وواصل العمل في ذلك الظرف الصعب في العام 1978 والأشهر الأولى من عام 1979 عندما اُغلقت الجريدة بقرار تعسفي من حكومة البعث الفاشية، واُضطر لمغادرة العراق الى جمهورية المانيا الديمقراطية، التي سبق وتخرج فيها طبيباً.
ولم يقتصر عمله في جريدة "طريق الشعب"، فقد كان يرفد مجلة "الثقافة الجديدة" بالمقالات والتراجم ومن ثم العمل في هيئة تحريرها حتى وفاته المفاجئة.
ومن اهتماماته المتعددة دأبه المتواصل على توثيق الكثير من المواقف المتعلقة بحياة الحزب.
وتميز الرفيق البلادي بطبعه الهادىء، وتفاؤله النابع من ثقته بعدالة القضية التي يناضل من اجل تحقيق اهدافها. ورغم صلتي به على مدى يزيد عن الأربعين عاماً لم الحظ يوماً انه غضب وخرج عن طوره. فقد كانت الابتسامة لا تفارق محياه السمح في أحلك الظروف.
تعازينا الحارة لشريكة حياته ام ياسر ولولده ياسر، فله الذكر الطيب دوماً. ولهما ولكل رفاق ابو ياسر الصبر والسلوان على هذا الفقدان الفادح.