المنبرالحر

ذكريات من ايام الثورة / كامل منصور الكعبي

يحلى معنى الشعر بسمه
بطل تموز الاصيل
للوطن ذكره مهابه
وللشعب ضي ودليل
في الخمسينات كنت معلما للسياقة في مدرسة التموين والنقل الواقعة في بغداد معسكر الرشيد. وفي نهاية 1957 صدر امر نقلي الى اللواء التاسع عشر في منصورية الجبل في محافظة ديالى، وبعد عدة شهور من 1958 وفي اليوم الثالث عشر من تموز الساعة الواحدة ليلاً تهيأنا بكامل عدتنا الحربية وكنت اقود سيارة لاندروفر فيها جهاز مخابرة المسؤول عن تشغيله مخابر من سكنة مندلي، وبجانبي احد الضباط من محافظة نينوى تحركت سريتنا من المنصورية ودخلنا بعقوبة ثم الى بغداد وكان الزعيم سبقنا ولم نعلم ولا غيرنا بقيام الثورة الا القليل من اصحابه وفي صباح يوم 14 تموز سمعنا البيان الاول وبدايته بعد الاتكال على الله ومؤازرة المخلصين من ابناء الشعب من اذاعة بغداد واعلان الجمهورية العراقية وخرج الناس من احيائهم وقراهم فرحين مستبشرين بهذا اليوم الاغر يوم تحرير الشعب والوطن من قيود المستعمرين الطامعين اما فرحتهم الثانية الكبرى يوم سقوط صدام وتمثاله في 9 نيسان وخلاصه من جرائم العفالقة.
وبدأ الزعيم بمسيرته الثورية وتنفيذ مشاريعه وازدهر العراق رغم التحركات المشبوهة من المندسين الذين يفضلون مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن والجماهير خاصة من المشاركين معه ثم انحرفوا عن مسار الثورة امثال الذي كان يذهب الى احدى الدول متسرعا ويلتقي برئيسها الذي نقل عنه انه كان يقول في احدى خطاباته بلهجته (البلح في گيب والبترول في گيب) وكأن العراق سيصبح في يوما ما ولاية لدولته ولما سمع العراقيون خطابه تظاهر بعضهم مستنكرين بكلماتهم الشعبية (شيلوا سفارتكم منريد وحدتكم).
ومن اعمال الزعيم الخالد بناء الدور للفقراء والموظفين وتشغيل العاطلين في المعامل وتبديل العملة النقدية والعلم الملكي القديم بالعلم الجمهوري الجديد ومعمل الادوية في سامراء والقناة التي تربط نهر دجلة بنهر ديالى بجانب الرصافة، وقانون الاصلاح الزراعي وقضائه على شرذمة حركة التمرد الطائفية الانفصالية في الموصل والمدعومة ماليا من الدول المحسوبة على الدين والعروبة لكن الحاقدين لا يروق لهم بقاؤه في السلطة واستمروا يحيكون الدسائس من بداية الثورة فتم لهم ما ارادوا وما خططوا له من الشر والبغض الكامن في قلوبهم المريضة ونفذوا جريمتهم البشعة في اليوم الاسود وتم اعدامه وهو صائم في الاذاعة رميا بالرصاص عام 1963 وعبرت الجماهير عن غضبها من هذه المؤامرة في اغلب المناطق في بغداد والمحافظات وهم يهتفون ماكو زعيم الا كريم. الا ان جلاوزة النظام فرقوهم بوسائلهم القمعية.
يبقى الزعيم مثالا نادرا ونبراسا للبطولة والنزاهة خالدا في نفوسنا واذهاننا ورمزا للوطنية الصادقة لعراقنا وامتنا، وتذكره اجيالنا بفخر واعتزاز وتجدد ذكراه العطرة وتحتفل كل عام بثورة 14 تموز الخالدة.
اختم كلمتي بهذا البيت من قصيدة للشاعر المبدع للجواهري:
عبد الكريم وفي العراق خصاصة
ليدٍ وقد كنت الكريم المحسنا