المنبرالحر

لا تجني من الشوك العنب ! / صادق محمد عبد الكريم الدبش

يقول الفيلسوف العربي / بن خلدون [ الفتن التي تتخفي وراء قناع الدين تجارة رائجة جداً في عصور التراجع الفكري للمجتمعات . ]
الكذب والتدجيل والتظليل والخداع ، أصبحت سمة من سمات نظامنا السياسي القائم ، ومنذ قرابة عقد ونيف ، وبالرغم من الفشل الفاضح في أدارة الدولة ، وما تحمله شعبنا من نكبات وأهوال ، وما دفعه من دماء وتضحيات جسام ، وما لحق بالبلد من خراب !... نتيجة لجهل وفساد وطائفية وعنصرية نظام الأسلام السياسي الحاكم ، وأخفاقهم في تحقيق أمن الناس واستقرارهم وسعادتهم ، ناهيك عن غياب الخدمات من صحة وتعليم وسكن ومواصلات ، وعدم توفر فرص العمل باستثناء ( العمل في عمال النظافة أو التطوع في الجيش والشرطة ) ، وحتى هاتين الوظيفتين فيراعا فيها الأنتماء الطائفي أو بدفع الرشى !.. لهيمنة سماسرة الفساد ، ولم يتم القبول للمتقدم الحصول على وظيفة على أساس الكفاءة والمهنية والخبرة !.
وشعبنا لم يتفاجأ !.. بوعود النظام وتطبيلاته وأكاذيبه ، والوفاء بما وعد به !.. بتحقيقه منجزات أنفجارية عملاقة !!.. فهؤلاء لم يحققوا شيئا لصالح الناس ، ولن يعم الخير والنماء والسلام ، بل على العكس من ذلك !.. فقد زاد التدهور والتراجع في كل مناحي الحياة ، ولم يرى الشعب أي من هذه الوعود خلال سنوات حكمهم الطويلة ، غير البؤس والفقر والحرمان والموت والخراب .
واليوم تمكنت الحيتان الكبيرة المهيمنة على مجلس النواب !.. من تشريع قانون أنتخابات مجالس المحافظات والأقضية ، ليأتي متوافقا مع مصالحهم ورغباتهم ، وانعدام فرص فوز الكتل الصغيرة ، من خلال تشريع قانون مجحف وظالم ، غايته الهيمنة على السلطة في الأنتخابات القادمة ، وهذا الأمر لم يفاجئ القوى الديمقراطية والتقدمية والوطنية ، ولا جماهير شعبنا المطالبة في التغيير الشامل واعادة بناء الدولة الديمقراطية العلمانية الأتحادية ، كون هذه القوى متمسكة بالسلطة وبالمحاصصة وبالطائفية السياسية والفساد ، اللاهثين وراء السلطة والمال والجاه !
ولن تتحرك هذه القوى الطائفية والعنصرية حتى خطوة واحدة نحو أعادة بناء دولة المواطنة ، مهما حاولت أن تغير من أسمائها ومن عباءاتها ، لتظهر بشكل مختلف وجديد !.. فهي تسير بنهجها القديم وبفلسفتها وسياساتها القائمة على الألغاء والأقصاء والطائفية والتمسك بالسلطة والتضييق على الحريات والحقوق ، ومعاداتها للديمقراطية والتقدم ، وتعمل بنفس الوجوه الكالحة والفاسدة والطائفية العنصرية .
ومن يعتقد بأن هذه القوى المتمثلة في الأسلام السياسي الحاكم ، يمكنها أن تتقدم حتى خطوة واحدة نحو الأمام !.. فأنا على يقين بأنه واهم .. وسيتخذ هذا النظام مستقبلا خطوات أكثر رجعية !.. وخطوات ألغائية أقصائية متحجرة ، والأمساك أكثر لمقاليد ادارة الدولة ومؤسساتها الحيوية !
ولا خيار أمام شعبنا وقواه السياسية التي تنزع نحو بناء دولة المواطنة سوى تشديد النضال الجماهيري ، وتوحيد صفوف القوى الديمقراطية ، لمواجهة هستيرية استئثار هذه القوى بالسلطة ونوايا ها ، التي تقوم على الطائفية والعنصرية والفساد السياسي والمالي والقيمي !.. لأجبارهم على التخلي عن هيمنتهم !.. بطرق غير شرعية ومنافية للديمقراطية والنزاهة والمنافسة الشريفة والحرة !.. من خلال التزوير والتظليل والخداع وشراء الذمم ، وبمنطق التهديد والوعيد ، وأستخدامها للمال السياسي في الدعاية الأنتخابية ، وأستخدام الدولة وممتلكاتها وأعلامها لصالحهم .
ولنرفع شعار ... لا للقوانين المقيدة لحرية الأختيار الحر والنزيه ، لا للمال السياسي وفساده وافساده للعملية الأنتخابية ، ولا لقانون أنتخابي جائر وغير عادل .
نعم للمفوضية المستقلة للانتخابات قولا وفعلا ، وان تكون وطنية ونزيهة ومهنية .
الدعوة لتشريع قانون من أين لك هذا !.. وتطبيقه على الأحزاب والشخصيات السياسية على خد سواء .
نعم لدولة المواطنة .. الدولة الديمقراطية العلمانية الأتحادية .
الدعوة الى منع نشاط كل الأحزاب والتنظيمات السياسية ، التي تقوم على أساس ديني ، وفصل الدين عن الدولة ، ومنع الدين ورجاله من ممارسة أي نشاط سياسي في الدولة ، ويكون دورهم محصور في دور العبادة للوعظ والأرشاد الديني وبتعاليم وقيم الدين ، وبما لا يتعارض مع الحقوق والحريات .
نعم لثقافة الحياة والتقدم والتحضر والديمقراطية ، ولثقافة الأختلاف والتنوع والتعدد الفكري والثقافي .
نعم لأنسنة الحضارة والتعايش بين الأجناس والألوان والأديان والأعراق .
بعض من الأحكام الواجبة على رجالات الدين وما يتمتعون به من قيم ، وأخلاق ، من صدق ونزاهة وأمانة ، وأخلاق رفيعة وسامية :
وعن أنس بن مالك قال: "ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"[3].
قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤولًا ﴾ [الإسراء: 34].
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ [الرعد: 20].
الكذب حبله قصير.
الشيء الوحيد الذي يوصل إليه الكذب هو فقدان المصداقية حين تكون صادقا.
الكذاب والدجال والمتملق يعيشون على حساب من يصغي إليهم .
الكذابون خاسرون دائما، ولا سيما أن أحدا لا يصدقهم حتى ولو صدقوا.
الكذاب والميت سواء، لأن فضيلة الحي في النطق، فإذا لم يوثق بكلام الكذاب فقد بطلت حياته.
مديح الكذاب لذة الغبي.
الكذب والخداع والغش.. انها ثلاثة حفر، وإذا سقط القائد في أحداها سقطت الثقة من قلوب أتباعه.