المنبرالحر

نحو الطعن في دستورية المادة القانونية القاضية باعتماد صيغة "سانت ليغو 1.7" / زهير ضياء الدين

صوت مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتأريخ 7 آب 2017 وبحضور 108 نواب على المادة (12) من مشروع قانون إنتخابات مجالس المحافظات والأقضية المعروض أمام مجلس النواب، والتي تقضي باعتماد الأرقام التسلسلية (107 ، 3 ، 5 ، ....) في توزيع مقاعد مجالس المحافظات.
فيا تُرى هل سيكون هذا النص دستورياً أم أنه ليس كذلك وتتوفر الإمكانية للطعن في دستوريته أمام المحكمة الاتحادية العليا؟
ابتداءً نبين أن المحكمة الاتحادية العليا التي تم تحديد اختصاصها بموجب المادة (93) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 والمتمثل بشكل أساسي في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، إضافة إلى تفسير نصوص الدستور، هي الجهة المختصة بتطبيق مبدأ علوية الدستور، وبالتالي فإن القرارات التي تصدرها باتة غير قابلة للطعن، وتمثل مبادئ دستورية ثابتة يجب الالتزام والاسترشاد بها، وليست قرارات تخص القضايا التي تنظر بها حصرياً. وان على مجلس النواب وهو السلطة التشريعية التي تشرع القوانين الالتزام بهذه المبادئ التي تجسد روح الدستور.
إنطلاقاً من ذلك وبالرجوع إلى القرار الصادر عن المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقمة 12/اتحادية/ 2010 بتأريخ 14/10/2010، والذي تقرر بموجبه الحكم بعدم دستورية الفقرة (5) من المادة (13) من قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 (المعدل) نجد انه تم تسبيب هذا القرار بالاستناد إلى النصوص الواردة في الدستور. حيث وجدت المحكمة المحترمة أن تحليل نتائج تطبيق تلك الفقرة على أرض الواقع خلال الانتخابات الجارية آنذاك للمجالس، ونعني الفقرة التي تنص على ان "تمنح المقاعد الشاغرة عند وجودها للقوائم المفتوحة الفائزة التي حصلت على أعلى عدد من الأصوات، بحسب نسبة ما حصلت عليه من المقاعد، لاستكمال جميع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية"، وجدت المحكمة المحترمة عند تحليل تلك النتائج أنها تخالف حكم المادة (20) من الدستور، التي منحت المواطنين رجالاً ونساء حق التصويت وانتخاب من يريدونه من المرشحين، باعتباره معبّراً عن إرادتهم في تسيير شؤون مناطقهم، وذلك من خلال صناديق الانتخابات. وإن عملية تحويل صوت الناخب من المرشح الذي انتخبه، إلى مرشح آخر من قائمة آخرى لم تتجه إرادته لانتخاب مرشحها، تشكل خرقاً ومخالفة لأحكام المادة (20) من الدستور والمادة (38 / أولاً) منه والتي كفلت هي الأخرى حرية التعبير عن الرأي، وخرقاً للمادة (14) من الدستور التي كفلت المساواة، إضافة لإخلاله بمبادئ الديمقراطية المشار إليها في المادة (2 / أولاً / ب) من الدستور. خاصة إذا علمنا أن تطبيق المادة (13/5) غير الدستورية المشار إليها آنفاً، أدى إلى الاستحواذ على 2,249,956 (مليونين ومائتين وتسعة واربعين الفاً وتسعمائة وستة وخمسين) صوتاً من قبل الكتل الفائزة، وهي التي كان قد تم منحها لمرشحين وقوائم لم تصل إلى القاسم الانتخابي، وقد مثلت 31,4 في المائة من الأصوات الصحيحة في تلك الانتخابات.
وهنا نعود إلى التساؤل الذي أثرناه في بداية موضوعنا، والمتمثل في مدى توفر الطرق الموضوعية للطعن في دستورية النص الوارد ضمن المادة (12) من مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية الذي تجري مناقشته حالياً.
الجواب هو: نعم، تتوفر الظروف الموضوعية والشكلية للطعن في دستورية تلك المادة استناداً للنصوص الدستورية التي أشرنا إليها والتي اعتمدت عليها المحكمة الاتحادية العليا في إصدار قرارها في الدعوى 67 /ب/2012 .
وكما أسلفنا فأن قرارات المحكمة الاتحادية العليا تُعتمد كمبادئ دستورية تطبق في الحالات المتشابهة، حيث أن اعتماد الأرقام التسلسلية (107 ، 3 ، 5 ، ....إلخ ) في توزيع مقاعد مجالس المحافظات سيكرر الكارثة السابقة بمصادرته ملايين من أصوات الناخبين، وبشكل خاص بعد تخفيض عدد مقاعد مجالس المحافظات إلى حوالي النصف مما يؤدي إلى مضاعفة قيمة المقعد الواحد.
لذلك فإننا على قناعة بوجود إمكانية حقيقية للطعن في دستورية المادة (12) من مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية بعد إقراره ونشره في الجريدة الرسمية، نظراً لاستمرار المبررات التي استندت عليها المحكمة الاتحادية العليا في حكمها بعدم دستورية المادة (13/5) من قانون انتخابات مجالس المحافظات السابق.
ويبقى ضرورياً أن يسير ذلك بالتوازي مع الحراك الجماهيري المنظم، والتصدي بقوة لتلك المادة التي تلحق الضرر البليغ بالدولة والمجتمع، والتي يتوجب إلغاؤها.