المنبرالحر

الدولة وشروط نجاحها واستمرارها / صادق محمد عبد الكريم الدبش

الدولة وتعريفها : بأنها ، شعب مستقر في إقليم معين ، وخاضع لسلطة سياسية معينة .
وقد ورد لفظ الدولة في القرآن الكريم في قوله تعالى : { كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ } الحشر آية: 7.
الدولة هي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.
نظرية العقد الاجتماعي والتبرير الكلاسيكي لنشأة الدولة ، من خلال تصور شكل الحياة في مجتمع بلا دولة أي في حالة الفطرة أو الطبيعة، والصراع بين مختلف الطبقات ، الذي بلور الحاجة لشكل من أشكال التنظيم الإجتماعي ، وما أصبح يطلق عليه اليوم بالدولة .
ومن الوظائف الأساسية للدولة :
اولا تأسيس جيش وطني ومهني ، يأخذ على عاتقه حماية مصالح الدولة والافراد ، وحفظ الامن والنظام وتحقيق العدالة .
تنظيم القضاء وإنشاء المحاكم ، ورعاية العلاقات الخارجية مع الدول الأخرى ، وتمويل مؤسسات الدولة وتنظيم الاقتصاد وادارته .. واصدار عملة خاصة بهذه الدولة .
إن العناصر الأساسية لأي دولة هي الحكومة والشعب والإقليم، بالإضافة إلى السيادة و الاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية .
ومن شروط تحضر الدولة ونجاحها هو توفر الموارد البشرية ومقدار تطورها ، فهي الصانع والمنتج والمطور لكل الأنشطة المختلفة على هذه الأرض ، والمبدع لو توفرت له الفرص للإبداع والعطاء ، لتطوير الدولة والمجتمع ، والمسألة الأخرى الموارد الاقتصادية ، ومقدار الإنتاج الاجتماعي في هذه الدولة الذي يحدد سمات وتقدم أو تخلف هذه الدولة أو تلك .
ومن شروط قيام دولة ناجحة ومتحضرة ... هو مقدار اهتمام الدولة بالتعليم وتطوره وتطويره وبكل مراحله ، وتنظيمه وبرمجته بما يتوافق مع النشاط الإجتماعي بكل جوانبه ، والاهتمام بالمبدعين والعلماء والمثقفين ، من شعراء وكتاب وباحثين ومهنيين ، ودعم وتطوير هذه المؤسسات التي هي العمود الفقري لتطور الدولة ونجاحها .
استنادا إلى نتائج مؤتمر وستفاليا (ألمانيا اليوم) للسلام عام 1648 بين الدول والكيانات والإمارات الأوروبية المتنازعة، تم الاتفاق على أن هناك ثلاثة شروط لقيام الدولة ذات السيادة وهي: وجود شعب بشكل دائم ومستمر، في رقعة جغرافية محددة ، وحكومة تمارس سيادة على الأرض والشعب. وقد أضيف شرط رابع عام 1933 في معاهدة مونتفيديو بالأوروغواي وهو اعتراف دولي بتلك الدولة بحيث تستطيع الدخول في معاهدات واتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف مع أية دولة تختار.
[[[مقومات الدولة القانونية وضمانات تحقيقها :
1 - وجود الدستور :
فلا بد أن يكون لهذه الدولة دستور يحدد سلطات الحكومة ، وحقوقها وواجباتها ، وحقوق الأفراد ، وواجباتهم ، والعلاقة بين السلطات وشكل الدولة ، ونظام الحكم فيها ، سواء أكان هذا الدستور مدونا أم غير مدون .
2 - تدرج القواعد القانونية :
ويقصد بتدرج القواعد القانونية أن تكون الدولة قائمة في نظامها القانوني على قواعد متسلسلة من حيث القيمة والقوة ، فالقاعدة القانونية التي في مرتبة أدنى تستند إلى أعلى منها وهكذا ، وتسلسلها كما يلي :
- الدستور .
- القوانين العادية .
- اللوائح الإدارية .
- القرارات الإدارية الصادرة من سلطة إدارية دنيا .
3 - خضوع الإدارة للقانون :
خضوع الإدارة للقانون يؤدي إلى حماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، ويؤدي هذا المبدأ إلى مبدأ آخر وهو سيادة القانون ، ويقصد بالإدارة جميع أجهزة الدولة ، وإذا خضعت الإدارة للقانون فإن ذلك يؤدي إلى حماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، وإذا لم تخضع الإدارة للقانون يقع بالأفراد الظلم وتصادر حرياتهم ، فالدولة التي تخضع للقانون دولة قانونية وعكسها الدولة غير القانونية.
4 - الاعتراف بالحقوق والحريات الفردية :
من أجل أن تكون الدولة قانونية لا بد من اعترافها بحقوق الأفراد وحرياتهم ؛ لأن هدف الدولة القانونية هو حماية حقوق الأفراد وحرياتهم من سياسية ، واقتصادية واجتماعية ، وفكرية ، ودينية .
ضمانات تحقيق مقومات الدولة القانونية : هذه الضمانة هو تنظيم الحكم بطريقة تجعل للمحكومين الحق في اختيار الحاكم ، ومشاركته السلطة ، ومراقبته ، وعزله ؛ مما يكون له الأثر الفعال في خضوع الحكام للقانون ، ونزولهم على أحكامه .
لكي تتحقق مقومات الدولة القانونية حدد فقهاء القانون المعاصرين عدة ضمانات لا بد من وجودها لتحقيق تلك المقومات ، وهذه الضمانات هي :
1 - الفصل بين السلطات .
2 - تنظيم رقابة قضائية .
3 - تطبيق النظام الديمقراطي : المصدر .. منقول من [ الدولة: تعريفها، أركانها ومقوماتها القانونية وضمانات تحقيقها / موقع إقرأ . ] .]]]]
إن النظــام السياســي الديمقراطــي، يقــوم علــى ، التعدديـة السياسـية والحزبيـة ، بهـدف التداول السـلمي
للسـلطة ، والأحـزاب السياسـية عمـاد العمـل السياسـي الديمقراطــي ، وحريــة تكويــن الاحــزاب مكفولــة دون حاجــة إلــى الحصــول علــى ترخيــص مــن أي جهــة إداريــة ، ويكتفــى بوجــود هيئــة مســتقله ووطنية نزيهة تراقب عمل ونشاط هذه الأحزاب ، ويتــم إيــداع وثائــق تأســيس هذه الاحزاب والإشــهار لديهــا ، وتتولــى الهيئــة المستقلة إصــدار وثيقــة بذلــك.
ويكــون مــن حــق أي متضــرر، مـن قيـام هـذا الحـزب أو ذاك باللجـوء للقضـاء .
ولا يجـوز حلهـا أو وقـف نشـاطها ، إلا بحكـم قضائـي بـات مـن محكمـة مختصــة.
ويحظــر تغييــر حريــة تأسيســها أو نشــاطها أو التدخــل فــي شــئونها.
يقول جون لوك :
«ينبغِي التمييز بوضوحٍ بينَ مهامِ الحكمِ المدنيِّ ، وبينَ الدينِ وتأسيسِ الحدودِ الفاصلةِ بينهُمَا.
ويقول ايضا من يخلط بين السلطة المدنية والسلطة الكنسية كمن يخلط بين السماوات والارض.
الدولة المدنية هي دولة الرفاه الاجتماعي والتداول السلمي للسلطة ، دولة الصحافة الحرة واحترام التعدد والتنوع الفكري والحضاري والإثني والطائفي ، دولة التبادل المعرفي واستقطاب العقول المبدعة ، دولة لكل مواطنيها بكل ثقافاتهم وتوجهاتهم السياسية والإثنية التي لا تنعكس بالاضرار على أطراف أخرى.
دولة النظام والقانون وبسط نفوذ الدولة على كل جزء من أراضيها وعدم السماح لأي تكتل قبلي أو ديني أو عشائري بممارسة عمل الدولة خارج دائرة القانون .
إن الدولة التي ترفع الشعارات الأيدلوجية والطائفية فوق المصلحة الوطنية !.. هي دولة لا تتعايش مع حركة الحياة ، وهي دولة فاشلة ومتخلفة ودكتاتورية ، لاغية لكل الحقوق والحريات العامة والخاصة وللديمقراطية .
الدولة التي لاتستبد فيها الأغلبية بالسلطة والثروة ، ولا تجحف بحق الأقليات والفئات المهمشة ، ولا تقفز على الحريات والديمقراطية ، فهي الدولة الناجحة التي تحترم الإنسان !.. وإلا لكانت الدولة النازية !!... في المانيا وصعود هتلر الى السلطة ، الذي جاء الى السلطة عن طريق انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة .. ولكن النتيجة كانت وخيمة على الشعب الألماني ولشعوب الأرض ، كونها دولة معادية للديمقراطية وللحريات وللعدل والمساوات وتغييبهم للقانون ؟ .
إذن .. يجب أن تكون هناك دولة تستمد قوانينها الاساسية من العقل ، ومن الواقع وبعيدا عن اللاهوت .. والدين وفلسفته ، وأن تساوي بين مواطنيها ويكون هناك دستور وقوانين ضامنة للحقوق والحريات .
وهناك دعوات لإقامة دولة مدنية بمعناها الفضفاض، ولكن يجب ان تكون هذه الدولة المدنية !.. ديمقراطية وذات معايير محددة ، تلتزم بها القوى الدينية وغير الدينية كافة ، بغض النظر عن تفسيرها للدين أو العلمانية أو أي فكر آخر.
المعيار الأول لهذه الدولة ، هو الالتزام بالتداول السلمي للسلطة ؛ فلا يجوز إحتكار حزب أو عدد من الأحزاب للسلطة، ويجب أن يحتكم في كل الظروف لصندوق الاقتراع.. وأن تكون الإنتخابات نزيهة وشفافة وبإشراف وطني ودولي وبقانون انتخابي عادل ومنصف للجميع ، ونتائج هذه الانتخابات ، يحترمها الجميع ويسلم بنتائجها.
فيصبح الفيصل الذي يعكس إرادة الشعب ... هو صندوق الاقتراع ، الذي يأتي بمن يريد للسلطة، ويُخْرِجُ منها من يريد، ولا يستخدم فريق معين !.. ارتباطه العقائدي أو قوته العسكرية أو سلطته الدينية أو العشائرية للبقاء في الحكم .
المعيار الثاني هو السلطة ، التي تعني احترام حرية الأفراد والمجموعات ، لا يتغول ويستأسد عليها أحد !.. بسبب معتقده ، حتى لو كان في السلطة.
فالدولة المدنية الديمقراطية ، هي وحدها القادرة على حماية الفرد ومعتقده، وهي التي بشكلها المدني الديمقراطي تمثل مظلة قانونية تتسع للجميع.
وهي أيضاً حامية للاخر، ولا مكان فيها للعنصرية ولا متسع فيها للإقصاء والالغاء والتهميش .