المنبرالحر

استيراتيجية حماية العدو / طه ياسين

في السنوات القليلة المنصرمة ، حيث لم يصل اعصار التكنولوجيا الينا بعد ، كنا نقضي طيلة وقت فراغنا بلعبة الشطرنج ..
تلك الخشبة التي يتساقط فوقها المتشابكين بدأ من البيادق ، التي دائما مايدفع بها في بداية المعركة ، حتى يحين دور الوزير القوة الضاربة التي بأمكانها أبادة جيش الخصم بمفردها ..
اعتدنا اللعب آنذاك على استيراتيجية خاصة ومبتكرة تدعى ( استيراتيجية حماية العدو ) وتتلخص بحماية ملك و وزير الخصم فعندما يرى احدنا ان ملك او وزير الخصم معرض للخطر وان جيشه سيباد وتنتهي اللعبة في وقت لايناسبنا، يقوم بتحذير خصمه بغية استمرار (اللعبة) الى اطول مدة ممكنة ..
جرفتنا التكنولوجيا واقلعنا عن لعبة الشطرنج وطوت السنين استيراتيجة حماية العدو .. لم يبقى مايذكرنا بتلك الإيام حتى ظهر النائب الأول لرئيس الجمهورية والأمين العام لحزب الدعوة الإسلامي السيد نوري المالكي ببيان متشنج ، كعادته ، يتهجم فيه على من انتقد اتفاق نقل عناصر داعش من الحدود السورية-اللبنانية الى الحدود السورية-العراقية ذلك الاتفاق الذي تم بين حزب الله اللبناني وتنظيم داعش الإرهابي .. واصفاً أولئك المواطنين ب 'الجهلاء ، الحاقدين و مخترقي العقل " مؤكداً "ان القرار الذي اتخذه حزب الله كان صائباُ" وأن ذلك الأتفاق "جزءاً من استيراتيجية المعركة ضد الإرهاب" .. بيان المالكي هذا عاد بذاكرتي الى ( استيراتيجية حماية العدو) التي كنا نتبعها في لعبة الشطرنج المشابهة تماماً لاسيتراتيجية نقل العدو .. فبعد الهزائم التي مني بها تنظيم داعش وأنهيار صفوفه في اغلب المناطق التي يسيطر عليها قرر اللاعبون استمرار اللعبة الى وقت لاحق .. فنقل عناصر داعش المحاصرين في عرسال من قبل الجيش اللبناني إلى منطقة البوكمال التي تعتبر مركز التنظيم ماهو إلا تعزيز لصفوفهم وقواهم المنهارة ، وبهذه الطريقة سيتعافى التنظيم وسيستمر الخطر على المناطق العراقية المحاذية للبوكمال مثل قضاء القائم وعانه وراوة في الأنبار ، تلك المناطق التي مازالت تعاني من سطوة التنظيم الإرهابي .. وكان بإمكان حزب الله القضاء على عناصر التنظيم أوتركهم للجيش اللبناني ليتولى أمرهم بعد أن أستعد لتوجيه ضربتة القاضية ..كما أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قائلاً "ان اعداد المقاتلين قليلة وانهم فاقدين لإرادة القتال" ولاشك في ذلك فهم محاصرون ومعنوياتهم منهارة ومهزومين لاحمال..فلماذا تم انقاذهم إذن ؟
ذلك الإتفاق يراد منه استمرار الحرب التي تصب في مصلحة النظام السوري من جهة والأحزاب العراقية الطائفية من جهة أخرى فهي تغذي التعصب والعدائية وتسبب التمترس وراء الهوية الطائفية والتمحور والتمركز حولها وهذا ماتبحث عنه الإحزاب الطائفية لجذب الناخبين بعد ان تعالت الأصوات المطالبة بإقامة الدولة المدنية والخلاص من هذه الإحزاب الطائفية التي عاثت بالأرض فساداً .